كان يفترض أن يكون تحول أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي محمد الغرياني إلى سيدي بوزيد.يوم الجمعة 24 ديسمبر الجاري حدثا هاما، نظرا للمكانة الاعتبارية الرجل كمسؤول تنفيذي أول عن أكبر حزب في البلاد وكذلك لدقة الأوضاع في كامل منطقة سيدي بوزيد المضطربة.
لكن الاجتماع الذي كان يفترض أن يبعث برسالة سياسية قوية تساهم في تهدئة الأوضاع وتعيد الأمل إلى منطقة مشتعلة هي في أمسّ الحاجة إليه، جاء هزيلا إلى درجة تدفع للتساؤل عن جدواه أصلا؟
فالصور القليلة الراشحة عن هذا الاجتماع الذي جرى وقوفا في بهو مقر ولاية سيدي بوزيد، تظهر أن عدد حضوره كان في حدود الأربعين نفرا من ضمنهم موظفو الولاية وأعوان الأمن؟
وفي الوقت الذي كانت فيه المسيرات الهادرة ترفع شعارات من قبيل : "التشغيل استحقاق، يا عصابة السراق"، و"شغل حرية كرامة وطنية"، كان الأمين العام يشنف آذان مستمعيه باسطوانته المشروخة وأقواله الممجوجة من قبيل "رفض المزايدات والمساومات ومحاولات البعض توظيف حوادث معزولة للتشكيك في مكاسب البلاد والسعي إلى الاضرار بامنها واستقرارها". وبالطبع أجابت الجوقة التي تم جلبها لتأثيث الاجتماع بتأكيد رفضها "المطلق لمحاولات بعض الأطراف المناوئة الاساءة لتونس ومكاسبها"..
لقد كانت سيدي بوزيد الشعب الهادرة في وادي، والأخ الأمين العام وجوقته الحزبية وخطابهم المحنط في وادي مختلف تماما..
هل يمكن بهذا الحال أن تنصلح الأحوال؟ أم أننا سنظل نردد مثلنا الشعبي القائل "العزوزة هازها الواد، وتقول العام صابة"؟
ومع ذلك لا تخفي العتمة وجود بقع من الضوء تجسدت خاصة في المداخلة المحترمة للسيد محمد نوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي في نشرة أخبار قناة الجزيرة الفضائية مساء السبت 24 ديسمبر الجاري. وفي تململ عناصر وطنية دستورية طفح كيلها وبدأت تجاهر بعدم قدرتها على تحمل مزيد التهميش والامتهان، والبقاء في وضع المتفرج والبلاد الغارقة في الفساد واستغلال النفوذ على حافة انفجار هائل سيأتي على الأخضر واليابس؟
زياد الهاني