jeudi 31 mai 2012

بعد أن تآكلت مصداقيته : المجلس الوطني التأسيسي في مفترق طرق


http://www.essahafa.info.tn/clear.gif
مجرّد رأي

بعد أن تآكلت مصداقيته
المجلس الوطني التأسيسي في مفترق طرق


بقلم : زياد الهاني

المجلس الوطني التأسيسي انجاز حققه التونسيون بفضل السياق الثوري الذي مكنهم من إحداث شرخ عميق في جدار منظومة الاستبداد وجعلهم يعتقدون واثقين في قدرتهم على بناء المجتمع الديمقراطي الذي ناضلت من أجله أجيال من التونسيين الأحرار ودفعوا ضريبة حلمهم والتزامهم من أجله غاليا.

لذلك ارتبط انبعاث المجلس الوطني التأسيسي بهالة من الرومنسية الحالمة ارتقت به إلى حالة من التقديس في اللاوعي الجمعي، لكننا نسينا في الأثناء أن أعضاء هذا المجلس هم أبناء مجتمعهم يحملون ما فيه من مواطن القوة والضعف والتمرد الثوري والفساد.

نسينا أو لعلنا لم ننتبه إلى أن هؤلاء الأعضاء الذين أفرزتهم العملية الانتخابية ليحتلوا مقاعد تمثيل الشعب في المجلس التأسيسي ليسوا بالضرورة هم أفضل من ترشح لهذه التمثيلية ولا هم بالضرورة في مستوى سمو المجلس الذي فرضته اعتصامات «القصبات» وساقتهم إليه انتخابات 23 اكتوبر 2011 ؟

كثيرون هم التونسيون الذين تابعوا بامتعاض المهازل التي حصلت في عديد جلسات المجلس من قبل نواب محترمين. وكثيرون هم الذين تفاعلوا بحلم (بكسر الحاء) مع هذه التجاوزات مستندين إلى ما رأوه يحصل من مشاحنات في عديد البرلمانات الديمقراطية.

ولم نفقد الأمل في رؤية المجلس ينجز مهامه ويقدم للتونسيين دستورا يكون في مستوى انتظاراتهم وتطلعاتهم للعيش أحرارا محفوظي الكرامة في بلد آمن ومستقر ومزدهر. لكن التطورات الأخيرة جاءت لتعصف بهذا الأمل وتحتم مراجعته.

المنطلق كان الحملة المسعورة ضد ما يسميه البعض عودة التجمعيين وإقصائهم من الحياة السياسية والتهديد بنصب المشانق لهم. وهي قولة حق يراد بها باطل وتوجه مخادع مآله الفشل والخسران المبين لأنه لا يستهدف فقط من أجرم في حق الشعب ممن لا يمكن التسامح معهم، بل يتجاوز ذلك إلى إقصاء طيف سياسي دستوري ضاربة جذوره في الحركة الوطنية وقادر على تعديل التوازن السياسي المختل وذلك باستغلال المجلس الوطني التأسيسي أو بالأحرى أغلبيتهم فيه لاستصدار قانون يمكنهم من تصفية خصومهم السياسيين تحت شعارات الثورة، بعد أن عجزوا هذه المرة عن انتداب «تيّاسة» من اليسار للقيام بهذه المهمة بالنيابة عنهم. غير عابئين بما فعلته تجارب الاجتثاث في دول أخرى وما جلبته من خراب ودمار.

أما قاصمة الظهر فكانت قضية الزيادة في رواتب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ورفعها بالنسبة إلى العاديين منهم من 2300 إلى 4200 دينار على أساس تمكينهم من منح تعويضية للسكن والتنقل. وتم تقديم هذه الزيادة كإنجاز سيخفف من العبء المحمول على كاهل ميزانية الدولة اعتبارا لارتفاع كلفة الإقامة في الفنادق والتي كان يتكفل بها المجلس لأعضائه. صحيح أن النظام السابق كان يتكفل بإقامة النواب القادمين من الداخل، لكن ذلك كان محدودا ولا يتم إلا بمناسبة الجلسات العامة وليس على مدار السنة.

وكان يتحتم على النواب أن يبادروا بأنفسهم إلى الاكتفاء برواتبهم المجزية وتدبير شؤون مسكنهم على أساس هذه الرواتب وليس تثقيلها على حساب ميزانية الدولة ودافعي الضرائب المنهكين.

لن أتناول في هذا السياق ما تسرب على الاجتماع السري لأهل المجلس والمطالب الجشعة والمشينة التي تقدم بها البعض بما يذكرنا بمنطق «الطرابلسية» وغيرهم من ناهبي المال العام.
فالمجلس التأسيسي فقد الكثير من مصداقيته عند المواطن وعليه أن يتعامل مع هذه الحقيقة بعيدا عن منطق المؤامرة. وإذا كان بعض من في هذا المجلس يتصورون أنهم أصحاب فضل علينا وان مطالبتهم بمضاعفة رواتبهم المليونية حق مستحق وتضحية منهم بمكاسب لهم أهم قبل دخولهم المجلس، فنحن نعفيهم من فضلهم ونشكر سعيهم ونسألهم برفق أن يرحلوا، وكلنا ثقة في أن أعمدة السماء لن تنهار فوق رؤوسنا. أما الدستور فلنا من العلماء الأجلاء من يقدر على صياغة نص رائع يستجيب لتطلعاتنا وآمالنا تطوعا منهم ودون منة ولا مطالبة بثمن.

مجلسنا التأسيسي الذي تآكلت مصداقيته بشكل جدي أصبح في مفترق طرق ووحدهم أعضاؤه قادرون على تحديد مصيره ومستقبله السياسي، مع التذكير بأن شرعية الثورة تبقى فوق شرعية الانتخاب. وللثورة حماتها الذين صنعوها قبل أن يركبها الراكبون.

المصدر: جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الخميس 31 ماي 2012

vendredi 25 mai 2012

الانتفاضة الثورية للناطق باسم رئاسة الجمهورية: ما أسهل الركوب على الثورة في ظل تغييب صنّاعها


مجرد رأي
الانتفاضة الثورية للناطق باسم رئاسة الجمهورية:
ما أسهل الركوب على الثورة في ظل تغييب صنّاعها...

بقلم: زياد الهاني
 
       مقال عدنان منصر الناطق باسم رئاسة الجمهورية المنشور أخيرا بموقع «نواة» الالكتروني تحت عنوان «حتى لا تحفر  الحكومة قبرها وقبر الثورة» أثار وما يزال العديد من التعاليق المستهجنة في أغلبها.
فالرجل معروف برصانته وهدوئه المستمد ربما من تكوينه كرجل علم متخصص في التاريخ. لكن لم نكن نتوقع منه خطابا متشنجا كذاك الذي استعمله في مقاله الثوري الحارق.
هل هي «حكمة كرسي الحكم»!؟ أم أنها «خمرة السلطة» التي غيّبت العقول!؟ أو لعلها «سكرة الموت» ولوعة الفرق مع بيان انسداد الأفق، خاصة وان عبارة «القبر» كانت حاضرة بقوة في المقال.
يبدأ عدنان منصر نصّه بالحديث عن الأسئلة الحارقة التي يتداولها يوميا أنصار الثلاثي الحاكم حسب تأكيده. أسئلة حائرة تكشف الأولويات المقلوبة لأصحابها ولربما للمحدثين عنهم حيث تبدأ بالاطمئنان على البقاء في السلطة وتنتهي بالاطمئنان على تحقيق أهداف الثورة، وليس العكس!؟
مستشار رئيس الجمهورية والناطق باسم الرئاسة استعمل في مقالـه عبارات تنم عن كثير من التعالي الذي بلغ حد المغــالاة أحيانا، بما يتعارض مع وضع شخص يفترض أنه يتحمل مسؤولية سامية في الدولة، كحديثه عن «حمق» بعض من في الحكم الذين يتحدثون عن استقلال القضاء!؟ و«الغباء الشديد» لمن يغرقون في منطق الدولة!؟ و«المنطق المريض الذي يبدو متغلبا  على البعض» ممن يعتقدون أن كل دور الحكومة يتمثل في ضمان تطبيق القانون!؟
الحمّى الثورية ذهبت بالمستشار حدّ الطعن في مبدإ الاحتكام إلى القضاء المعطلة آلته في نظره ويرتبط الجميع تقريبا فيها حسب تقديره بشبكات الفساد والرشوة والحنين إلى العهد البائد والعاجز بالتالي عن تحقيق العدل الذي يبتغيه الناس.
رجل الدولة المستشار الناطق باسم رئاسة الجمهورية لا يرى أولوية للقانون في بناء النظام الجديد الناتج عن الثورة. فبالنسبة إليه «لو كانت الأولوية للقانون لما قام الناس بثورة ولما انتخب الناس هذه الأحزاب لتشكيل الحكومة. ولكن يبدو من سوء الحظ أن كل الناس يعرفون ذلك إلا الحكومة!!» والحال أن الناس الذين قاموا بالثورة، قبل أن يركبها آخرون ويصبحوا أوصياء عليهم وعليها، إنما ثاروا على انتهاك القانون ودوسه وتحويل دولتهم إلى مزرعة خاصة للحاكم وأصهاره وعائلته المتنفذين. وإذ سيكون للثورة عند اكتمال مسارها على بلادنا من فضل فهو إعادة الاعتبار للقانون والفاعلية لمؤسسات الدولة.
من المؤسف أن يسعى عدنان منصر الجامعي المحترم الذي رمت به المصادفة التاريخية إلى أحد الكراسي الملحقة بالحكم، إلى لبس جبة الثورية التي لا تلائم مقاسه، ليبرر سطوا مقنّعا لفريقه على الحكم واستعدادا للقتال من اجل المنافع المنجرّة عنه تحت رايات الثورة الزائفة. أجدادنا قالوا «اللي موش مستانس بالبخور... تتحرق حوايجو»...
المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الخميس 25 ماي 2012

jeudi 24 mai 2012

تسليم البغدادي المحمودي متوقف على مصادقة المرزوقي : تجوع الحرة ولا تأكل...؟


http://www.essahafa.info.tn/clear.gifمجرد رأي

تسليم "الرهينة" البغدادي المحمودي متوقف على مصادقة المرزوقي
تجوع الحرة ولا تأكل...؟

 بقلم زياد الهاني


أعلنت الحكومة  رسميا قرارها بتسليم البغدادي المحمودي آخر رئيس للوزراء  في عهد الراحل معمر القذافي إلى السلطات الجديدة  في طرابلس. والتنفيذ أصبح متوقعا على  مصادقة الرئيس الحقوقي محمد المنصف المرزوقي الذي أكد عبر تصريح للناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر بان «تونس لن تسلم البغدادي المحمودي إذا لم يوفر الجانب الليبي ضمانات المحاكمة العادلة وإذا استشعرت خطرا على حياته»وأوضح  من هذا التوجه بان المرزوقي لم يتخل وهو رئيس للجمهورية عن خلفيته الحقوقية  فضلا عن وعيه وهو الدارس المستفيض للتراث العربي الإسلامي بأنه سيسجل وحده أمام التاريخ  على التوقيع على صفقة  ذبح المسؤول الليبي السابق المستجير ببلادنا.

ورغم تأكيدات وزير العدل نور الدين البحيري بأن الحكومة التونسية إذ تسلم البغدادي المحمودي لخصومه    السياسيين فهي تنفذ قرارا قضائيا تقيم من خلاله الدليل على احترامها لاستقلالية القضاء، إلا أن العارفين ببواطن الأمور يعلمون أن تصريحات الوزير مخالفة للحقيقة. فمحاكمة رئيس الوزراء الليبي وما عرفته من تقلبات أظهرت حسب محاميه وفي مقدمتهم رجل القانون الضليع العميد بشير الصيد أن استقلال القضاء مازال شأنا بعيد المنال وبأن اتفاقية التبادل بين تونس وليبيا التي استندت إليها الحكومة لتبرير تسليم البغدادي المحمودي تنص صراحة على عدم تسليم السياسيين!؟ فضلا عن تسرب أخبار مؤكدة عن حصول صفقة بين الحكومة التونسية ونظيرتها الليبية يتم بمقتضاها تسليم «الرهينة» إلى طالبيه مقابل «فدية» على شكل هبة مالية واستثمارات طويلة المدى !؟

على حكام تونس الجدد أن لا ينسوا أن شعبهم ثار ضد النظام السابق انتصارا لكرامته وبأن الملايين ردّدوا في أكثر من مناسبة بأن «شعب تونس شعب حرّ» وقد تربينا على أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها وفي تسليم البغدادي المحمودي لخصومه السياسيين خاصة وقد شاهد العالم كله الطريقة الوحشية التي قتل بها معمر القذافي على يد «الثوار»، إساءة بالغة لتونس ولثورتها ووصمة عار لن تمحى من سجلات التاريخ.
 لكن وبالقياس هل نعطي التعلّة للسعودية كي تستند إلى نفس المبدإ لتمتنع عن تسليمنا الرئيس الأسبق؟
الإشكالية حقيقية وجدية والردّ عليها لا يكون فقط من خلال التأكيد على أن تونس دولة قائمة بمؤسساتها ولم يلق فيها أركان النظام السابق ما لقيه نظراؤهم في ليبيا، بل ولربما كذلك من خلال السعي إلى توفير غطاء دولي لتسليم رئيس الوزراء الليبي الأسبق يوفر تحقق الضمانات الحقوقية التي طالب بها الرئيس المرزوقي، كأن يتم التسليم إلى منظمة الأمم المتحدة عبر محكمة العدل الدولية بلاهاي مثلا. وبذلك نحفظ لمن لجأ إلينا هاربا من بلاده حقوقه الدنيا دون أن نمسّ من مبدإ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لكل من يثبت من خلال محاكمة عادلة أنه أجرم في حق شعبه. ونوجه رسالة واضحة إلى أشقائنا نطمئنهم إلى أننا لا نريد الاحتفاظ بورقة مناوئة لهم قد يقع تحريكها ضدهم، وفي نفس الوقت نبني معهم علاقات شراكة وتعاون في إطار الإخاء والمصلحة المشتركة وبعيدا عن منطق «الرهينة» و«الفدية».
المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الخميس 24 ماي 2012


vendredi 18 mai 2012

في مواجهة تهديدات زعيم السلفية الجهادية : هل تتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟



مجرّد رأي
في مواجهة تهديدات زعيم السلفية الجهادية
هل تتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟

بقلم: زياد الهاني

«إخواني انظروا دائما إلى المستقبل وكونوا دائما متأكدين أنكم أنتم البديل الوحيد لهذه البلاد في صورة ما إذا سقطت الحكومة أنتم البديل، فاحفظوا مجهوداتكم لما سيأتي في المستقبل...
خطابنا هذا اليوم تحذير وليس دفعا للمواجهة إنما رسالة مفادها أن تونس ما بعد 14 جانفي ليست تونس قبل 14 جانفي، نحن نعلم أنهم يترقبون الفرصة لينقضوا علينا ولكن لن نعطيهم الفرصة هذه المرة، وإن وقع أمر في القيروان لن نضيع الفرصة هذه المرة، افهموها كما تفهموها وزنوها جيدا، هذا الشباب تنازل كثيرا كثيرا وليس مستعدا للتنازل هذه المرة
».

هذا ما جاء في تصريح لمن يعتبر زعيم السلفية الجهادية في تونس الشيخ أبو عياض، ونشرته جريدة «المغرب» في عددها الصادر يوم أمس الخميس 17 ماي 2012.

ورغم التأكيد على ضبط النفس والدعوة للحوار والمناظرة في أكثر من مناسبة، إلا أن اللغة التهديدية التي جاء فيها التصريح كانت واضحة ولا تدع أي مجال للشك بأن معركة الحسم قادمة لا محالة، وأن عدم الردّ بعنف على منع الجهاديين المغربيين الحدوشي والكتاني من دخول تونس ليس سوى ضبط تكتيكي مرحلي من قبل الجماعة.

وإذا ربطنا هذا التصريح بما يتم تداوله عن تواصل عمليات تهريب الأسلحة إلى تونس من القطر الليبي ووجود قواعد تدريب للقاعدة في هذا القطر قد تكون أخطرها على أمننا الوطني تلك الموجودة على تخوم مدينة غدامس في موقع هو أقرب إلى مدينة رمادة التونسية، من واجبنا أن نولي هذه التصريحات من العناية ما تستحق ونعمل على توفير كل المستلزمات الكفيلة بالدفاع عن أمننا وعن ديمقراطيتنا الناشئة التي ينبغي أن تبنى على التعايش والحق في الاختلاف لا على الترهيب والاحتكام للقوة التي تبقى اختصاصا مطلقا للدولة تمارسه حسب ضوابط القانون.

ولا بد ونحن بهذا الصدد من التمييز بين ثلاثة مستويات للسلفية:

أولا: سلفية الفكر والمعتقد، والانتماء إليها حق يكفله القانون وكل المواثيق والعهود الدولية لحقوق الانسان داخلا فيها حرية الملبس والحق في التنظيم السياسي.

ثانيا: سلفية التملك المطلق للحقيقة والغاء الآخر المختلف معه، وهي سلفية متطرفة تجنح للعنف تمظهرت في أكثر من مناسبة من خلال منع القيام بمحاضرات بالقوة أو منع حضورها مثلما حصل مع الدكتور يوسف الصديق مثلا أو افتكاك منابر بالقوة وإنزال أئمة من فوقها بزعم الاختلاف معهم. وهذه السلفية المتطرفة يتحتم على الدولة قرن التعاطي الحواري معها بالشدة كلما تطلب الأمر في إطار عملية إصلاح تربوي يكفل التدريب على القبول بالحق في الاختلاف.

ثالثا: السلفية التي تتبنى منهج العنف والاحتكام للسلاح، وهي ورم سرطاني خبيث يتوجب استئصاله حفظا لكيان الدولة والمجتمع.

حزين هو مشهد البعض من شبابنا وهم يدلون باعترافاتهم بعد أن تم مسكهم بتهم الإرهاب في سوريا.
 مأتى الحزن ليس في كونهم تونسيون فقط، بل وكذلك لأنهم مغرر بهم كان أحرى توفير المناخ الذي يمكنهم من تصريف استعدادهم العالي للبذل والفداء فيما يبني ويرفع من شأن هذا الوطن العزيز والأمة، وليس الهدم والتخريب.

لا نريد مغرر بهم جدد من شبابنا يوجهون سلاحهم نحو بني وطنهم ويحرقون البلد بجهلهم وجهل من ينظّر لهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم... وأيدي المؤمنين.
فهل ستتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟

المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الجمعة 18 ماي 2012
http://www.essahafa.info.tn/clear.gif

mercredi 16 mai 2012

حركة النهضة وسياسة التشكيك في الإعلام : انقطع حبل التزييف

مجرد رأي

حركة النهضة وسياسة التشكيك في الإعلام
انقطع حبل التزييف

بقلم: زياد الهاني

لا يترك العديد من قادة حركة النهضة سواء في الحكومة أو المجلس التأسيسي أو تنظيمهم الحزبي مناسبة تمر دون القدح  في الاعلام والتشكيك في مصداقيته والتأكيد على أن الشعب غير راض عن أدائه!؟
سبر الآراء الأخير الذي أجرته مؤسسة «سيغما كونساي» ونشرت جريدة «المغرب» في عددها الصادر يوم السبت 12 ماي 2012 جاء ليفنّد مزاعم حركة النهضة حيث أكد بأن (٪62.7) عبروا عن رضاهم عن أداء المنظومة الاعلامية واعتبروا أن تأثيرها على الأوضاع في تونس طيب. في نفس عملية سبر الآراء هذه عبر (٪64.2) من المستجوبين  عن نظرة إيجابية تجاه حركة النهضة توزعت كالتالي:
٪37.4  إيجابية الى حد ما و٪26.8 ايجابية جدا فيما اعتبر ٪37.5 من المستجوبين ان حركة النهضة هي الأقرب الى قناعاتهم. في المقابل جاءت نتائج سبر الآراء مخيبة لآمال الحزب الجمهوري الذي يحمل لواء المعارضة ضد الثلاثي الحاكم حيث لم يجد سوى ٪5 من المستجوبين أنه قريب الى قناعاتهم (٪3.4 للحزب الديمقراطي التقدمي و٪1.6 لآفاق تونس).
ولا نظن قادة حركة النهضة يشككون في هذه النتائج التي تؤكد تفوقهم على خصومهم ومنافسيهم السياسيين وبالتالي لا يمكنهم التشكيك في ما توصل إليه سبر الآراء من نتائج بالنسبة للإعلام والكف عن القول بأن الشعب غير راض عنه وهو ما يمثل انقطاعا لحبل التزييف الذي كان يراد به تكتيف الاعلام وتسخيره.
والمفارقة الغريبة هي أن قادة حركة النهضة هم أكثر الناقدين للإعلام وفي نفس الوقت الأكثر ظهورا فيه على الإطلاق. فصرخات الغبن التي  يطلقونها في كل مكان ويروجها على نطاق واسع وبكثير من العنف في أحيان كثيرة مناصروهم على الشبكات الاجتماعية الإلكترونية لا يمكنها ان تحجب حقيقة التواجد الطاغي لهؤلاء في المساحات التلفزية والإذاعية والمكتوبة للإعلام.
والتونسيون اليوم يعرفون تقريبا كل قادة حركة النهضة ومسؤوليها الذين يتناوبون الظهور في حين  لا يعرفون سوى عدد محدود من قادة المعارضة الذين تتباعد فترات ظهورهم.
ورغم نفي الحكومة ومسؤولي حركة النهضة أي نيّة لهم لإعادة فرض الوصاية على إعلام تحرر ويرفض بكل قوة العودة الى مربع الأسر والتبعية، مربع الولاء للحكومة والحزب الحاكم والتهليل لهما ولانجازاتهما إلا أن هذه السياسة التشكيكية في الاعلام وأهله ومحاولات الهيمنة على المشهد الاعلامي وابتلاعه بشكل كامل لا يمكنها إلا أن تزيد من يقظة أهل المهنة وتجندهم للدفاع عن حرية الصحافة واستقلالية مؤسسات الاعلام العمومي.
دون أن نغفل في الأثناء ان ٪36.2 من المستجوبين عبروا عن عدم رضاهم عن أدائنا كإعلاميين وهو ما يحملنا مسؤولية أكبر في العمل على تحسين ادائنا المهني وتطويره حتى يكون في مستوى انتظارات المتلقين الذين يحق لهم ان يطالبوا بإعلام وطني يكون في مستوى تطلعاتهم واستحقاقات الثورة. وهو ما نطمح إليه بكل قوة من جانبنا.

جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الأربعاء 16 ماي 2012     

mardi 15 mai 2012

لا ديمقراطية تحت تهديد السلاح


لا ديمقراطية تحت تهديد السلاح

بقلم: زياد الهاني

الديمقراطية نظام يكفل التعبير الحرّ عن إرادة الفرد والشعب وتجسيدها.
لذلك تعتبر الحرية وأساسا حرية الصحافة قاعدة أساسية لأي بناء ديمقراطي وضمانة لا غنى عنها لإنجاح صيرورته.

وإذا كانت الحرية تحتاج القوة أحيانا لحمايتها ممن لا يؤمن بها ويسعى لمصادرتها إلا أنه لا يمكنها أن تنبني على أساس ممارسة القوة بكل أشكالها داخلا فيها العنف والتهديد بها.

فالحرية تقوم أساسا على الارادة الحرة في منطلقها وعلى الجدل في تعاطيها الجماعي بحثا عن الأصوب والأصلح، لكنها تفقد معناها إذا ما دخلت عليها القوة أو التهديد بها لتحديد مساراتها.

يراقب التونسيون اليوم بكل قلق ظاهرة تسلل السلاح الى بلادنا وتوسع تجارته. وزاد قلقهم بعد حادثة بئر علي بن خليفة التي شهدت اشتباكا مسلحا بين مجموعة ارهابية سلفية ووحدة من الجيش الوطني قضت على اثنين من عناصرها اعتبرهما فريقهما شهيدين عند الله مآلهما الجنة!؟

وقبل ذلك حصلت حادثة الروحية التي شهدت استشهاد عناصر من جيشنا الوطني خلال اشتباك مع مجموعة مسلحة أخرى.

وإذا كان استخدام السلاح من قبل الجماعات الارهابية يمثل حدّا متقدما لاستخدام العنف إلا أن استعمال العنف منتشر في أطر أخرى تتراوح بين الميلشيات التي تتحرك  للدفاع عن الحكومة وإفساد التظاهرات الاحتجاجية المناوئة لها وبين المجموعات السلفية التي تتصدى لأصحاب الفكر وتمنعهم من التواجد للتعبير في الفضاءات العامة مثلما حصل مع الدكتور يوسف الصديق مؤخرا في قليبية ثم في الجامعة الزيتونية عندما أقدمت مجموعة من الطلبة السلفيين على منعه بالقوة من حضور ندوة علمية!؟ شباب يفترض أنهم طلبة علم يمنعون مفكرا وأستاذا جامعيا شيخا من التعبير عن رأيه بل ومن الحضور أصلا في ندوة علمية لأنهم يخالفونه الرأي!؟

بعض الأطراف السياسية والحكومة كلما طلب منها أن تضع حدّا لهذه الظاهرة المرضية الخطيرة وتتعامل معها بحزم تسارع الى التملص بزعم ان الرفق مطلوب في هذه المرحلة التي قد تتحول الى استخدام للرصاص لو قررت الحكومة التعامل معها بجدّ.

إذا كان الأمر كذلك فعلا فالحل يكمن ليس في المهادنة مع جماعة متطرفة لم تخف أنها بصدد جمع أسباب القوة لتحقيق برنامج تسلطي معلن، بل في مواجهتها واستئصال الداء من أصله حماية للديمقراطية وضمانا لعدم الانقلاب عليها.

فالديمقراطية لا يمكنها أن تعيش تحت تهديد السلاح والجماعات المتطرفة والإرهابية. ومن هنا جاءت ضرورة الحسم بين حالتين لا يمكن الجمع بينهما. والإيمان بالديمقراطية يحتم العمل على القضاء على تهديد السلاح، فالجماعات الارهابية والمتطرفة الملتحفة برداء الدين ورم سرطاني يتوجب قطعه قبل ان يستفحل ويحرق كل معاني الحياة.

جريدة "الصحافة" ،  العدد الصادر يوم الثلاثاء 15 ماي 2012