jeudi 24 mai 2012

تسليم البغدادي المحمودي متوقف على مصادقة المرزوقي : تجوع الحرة ولا تأكل...؟


http://www.essahafa.info.tn/clear.gifمجرد رأي

تسليم "الرهينة" البغدادي المحمودي متوقف على مصادقة المرزوقي
تجوع الحرة ولا تأكل...؟

 بقلم زياد الهاني


أعلنت الحكومة  رسميا قرارها بتسليم البغدادي المحمودي آخر رئيس للوزراء  في عهد الراحل معمر القذافي إلى السلطات الجديدة  في طرابلس. والتنفيذ أصبح متوقعا على  مصادقة الرئيس الحقوقي محمد المنصف المرزوقي الذي أكد عبر تصريح للناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر بان «تونس لن تسلم البغدادي المحمودي إذا لم يوفر الجانب الليبي ضمانات المحاكمة العادلة وإذا استشعرت خطرا على حياته»وأوضح  من هذا التوجه بان المرزوقي لم يتخل وهو رئيس للجمهورية عن خلفيته الحقوقية  فضلا عن وعيه وهو الدارس المستفيض للتراث العربي الإسلامي بأنه سيسجل وحده أمام التاريخ  على التوقيع على صفقة  ذبح المسؤول الليبي السابق المستجير ببلادنا.

ورغم تأكيدات وزير العدل نور الدين البحيري بأن الحكومة التونسية إذ تسلم البغدادي المحمودي لخصومه    السياسيين فهي تنفذ قرارا قضائيا تقيم من خلاله الدليل على احترامها لاستقلالية القضاء، إلا أن العارفين ببواطن الأمور يعلمون أن تصريحات الوزير مخالفة للحقيقة. فمحاكمة رئيس الوزراء الليبي وما عرفته من تقلبات أظهرت حسب محاميه وفي مقدمتهم رجل القانون الضليع العميد بشير الصيد أن استقلال القضاء مازال شأنا بعيد المنال وبأن اتفاقية التبادل بين تونس وليبيا التي استندت إليها الحكومة لتبرير تسليم البغدادي المحمودي تنص صراحة على عدم تسليم السياسيين!؟ فضلا عن تسرب أخبار مؤكدة عن حصول صفقة بين الحكومة التونسية ونظيرتها الليبية يتم بمقتضاها تسليم «الرهينة» إلى طالبيه مقابل «فدية» على شكل هبة مالية واستثمارات طويلة المدى !؟

على حكام تونس الجدد أن لا ينسوا أن شعبهم ثار ضد النظام السابق انتصارا لكرامته وبأن الملايين ردّدوا في أكثر من مناسبة بأن «شعب تونس شعب حرّ» وقد تربينا على أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها وفي تسليم البغدادي المحمودي لخصومه السياسيين خاصة وقد شاهد العالم كله الطريقة الوحشية التي قتل بها معمر القذافي على يد «الثوار»، إساءة بالغة لتونس ولثورتها ووصمة عار لن تمحى من سجلات التاريخ.
 لكن وبالقياس هل نعطي التعلّة للسعودية كي تستند إلى نفس المبدإ لتمتنع عن تسليمنا الرئيس الأسبق؟
الإشكالية حقيقية وجدية والردّ عليها لا يكون فقط من خلال التأكيد على أن تونس دولة قائمة بمؤسساتها ولم يلق فيها أركان النظام السابق ما لقيه نظراؤهم في ليبيا، بل ولربما كذلك من خلال السعي إلى توفير غطاء دولي لتسليم رئيس الوزراء الليبي الأسبق يوفر تحقق الضمانات الحقوقية التي طالب بها الرئيس المرزوقي، كأن يتم التسليم إلى منظمة الأمم المتحدة عبر محكمة العدل الدولية بلاهاي مثلا. وبذلك نحفظ لمن لجأ إلينا هاربا من بلاده حقوقه الدنيا دون أن نمسّ من مبدإ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لكل من يثبت من خلال محاكمة عادلة أنه أجرم في حق شعبه. ونوجه رسالة واضحة إلى أشقائنا نطمئنهم إلى أننا لا نريد الاحتفاظ بورقة مناوئة لهم قد يقع تحريكها ضدهم، وفي نفس الوقت نبني معهم علاقات شراكة وتعاون في إطار الإخاء والمصلحة المشتركة وبعيدا عن منطق «الرهينة» و«الفدية».
المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الخميس 24 ماي 2012