vendredi 18 mai 2012

في مواجهة تهديدات زعيم السلفية الجهادية : هل تتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟



مجرّد رأي
في مواجهة تهديدات زعيم السلفية الجهادية
هل تتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟

بقلم: زياد الهاني

«إخواني انظروا دائما إلى المستقبل وكونوا دائما متأكدين أنكم أنتم البديل الوحيد لهذه البلاد في صورة ما إذا سقطت الحكومة أنتم البديل، فاحفظوا مجهوداتكم لما سيأتي في المستقبل...
خطابنا هذا اليوم تحذير وليس دفعا للمواجهة إنما رسالة مفادها أن تونس ما بعد 14 جانفي ليست تونس قبل 14 جانفي، نحن نعلم أنهم يترقبون الفرصة لينقضوا علينا ولكن لن نعطيهم الفرصة هذه المرة، وإن وقع أمر في القيروان لن نضيع الفرصة هذه المرة، افهموها كما تفهموها وزنوها جيدا، هذا الشباب تنازل كثيرا كثيرا وليس مستعدا للتنازل هذه المرة
».

هذا ما جاء في تصريح لمن يعتبر زعيم السلفية الجهادية في تونس الشيخ أبو عياض، ونشرته جريدة «المغرب» في عددها الصادر يوم أمس الخميس 17 ماي 2012.

ورغم التأكيد على ضبط النفس والدعوة للحوار والمناظرة في أكثر من مناسبة، إلا أن اللغة التهديدية التي جاء فيها التصريح كانت واضحة ولا تدع أي مجال للشك بأن معركة الحسم قادمة لا محالة، وأن عدم الردّ بعنف على منع الجهاديين المغربيين الحدوشي والكتاني من دخول تونس ليس سوى ضبط تكتيكي مرحلي من قبل الجماعة.

وإذا ربطنا هذا التصريح بما يتم تداوله عن تواصل عمليات تهريب الأسلحة إلى تونس من القطر الليبي ووجود قواعد تدريب للقاعدة في هذا القطر قد تكون أخطرها على أمننا الوطني تلك الموجودة على تخوم مدينة غدامس في موقع هو أقرب إلى مدينة رمادة التونسية، من واجبنا أن نولي هذه التصريحات من العناية ما تستحق ونعمل على توفير كل المستلزمات الكفيلة بالدفاع عن أمننا وعن ديمقراطيتنا الناشئة التي ينبغي أن تبنى على التعايش والحق في الاختلاف لا على الترهيب والاحتكام للقوة التي تبقى اختصاصا مطلقا للدولة تمارسه حسب ضوابط القانون.

ولا بد ونحن بهذا الصدد من التمييز بين ثلاثة مستويات للسلفية:

أولا: سلفية الفكر والمعتقد، والانتماء إليها حق يكفله القانون وكل المواثيق والعهود الدولية لحقوق الانسان داخلا فيها حرية الملبس والحق في التنظيم السياسي.

ثانيا: سلفية التملك المطلق للحقيقة والغاء الآخر المختلف معه، وهي سلفية متطرفة تجنح للعنف تمظهرت في أكثر من مناسبة من خلال منع القيام بمحاضرات بالقوة أو منع حضورها مثلما حصل مع الدكتور يوسف الصديق مثلا أو افتكاك منابر بالقوة وإنزال أئمة من فوقها بزعم الاختلاف معهم. وهذه السلفية المتطرفة يتحتم على الدولة قرن التعاطي الحواري معها بالشدة كلما تطلب الأمر في إطار عملية إصلاح تربوي يكفل التدريب على القبول بالحق في الاختلاف.

ثالثا: السلفية التي تتبنى منهج العنف والاحتكام للسلاح، وهي ورم سرطاني خبيث يتوجب استئصاله حفظا لكيان الدولة والمجتمع.

حزين هو مشهد البعض من شبابنا وهم يدلون باعترافاتهم بعد أن تم مسكهم بتهم الإرهاب في سوريا.
 مأتى الحزن ليس في كونهم تونسيون فقط، بل وكذلك لأنهم مغرر بهم كان أحرى توفير المناخ الذي يمكنهم من تصريف استعدادهم العالي للبذل والفداء فيما يبني ويرفع من شأن هذا الوطن العزيز والأمة، وليس الهدم والتخريب.

لا نريد مغرر بهم جدد من شبابنا يوجهون سلاحهم نحو بني وطنهم ويحرقون البلد بجهلهم وجهل من ينظّر لهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم... وأيدي المؤمنين.
فهل ستتحرك الدولة لمنع اندلاع الحريق؟

المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الجمعة 18 ماي 2012
http://www.essahafa.info.tn/clear.gif