lundi 22 octobre 2012

دولة الرئيس المرزوقي..



بوضوح


دولة الرئيس المرزوقي..



بقلم: زياد الهاني

الحوار التلفزي مع الرئيس محمد المنصف المرزوقي مساء أول أمس الجمعة كان على غير العادة استثنائيا بكل المقاييس.

الرجل تصرف كما يجب على رجل الدولة أن يتصرف فما بالكم  عندما يكون رئيسا؟

الدولة فوق الاحزاب ولا مكان للميليشيات فيها... هذه هي أهم رسالة يمكن استخلاصها من حديث الرئيس الذي نزل كلامه بردا وسلاما على آذان سامعيه وسط ضجيج الأفاعي الملتهبة أعينها بشهوة الحكم، وزمجرة الضباع المحرضة على الاقصاء والفتنة دون اتعاظ بما سبق أن سببته للبلد من خراب.

تحتاج تونس اليوم صوتا للحكمة والعقل يسمو فوق المطامع والجراح ويصنع الأمل من حطام الخراب.

ما جرى في تطاوين من عنف وصل حد الاغتيال السياسي. جريمة من شأنها أن تدفع بالبلاد الى الهاوية، ومسؤولية التونسيين جميعا أن يتصدوا لهذا المنعرج الخطير ويعيدوا الخلاف السياسي الى مربعه الطبيعي بعيدا عن التطاحن والبغضاء.

صناع الفتنة اليوم هم أساسا نفس أولئك الذين أشعلوا حريقا في البلاد في بداية التسعينات قبل أن يفروا الى الخارج لتكديس الثروات والاستمتاع بالدعة والنعيم تاركين الآلاف من أتباعهم وأنصارهم يدفعون غاليا ثمن حماقتهم وشبقهم السلطوي الكريه.

هؤلاء الذين يجب أن تشملهم المحاسبة في اطار العدالة الانتقالية تماما كما تشمل كل من أجرم في حق هذا البلد، مدعوون الى أن يعوا بأن مجرى الدماء الذي حفروه بأيديهم سيحملهم حتما الى المحكمة الجنائية الدولية... هذا إذا سلموا من قصاص ضحاياهم؟

الميليشيات التي تنسف كيان الدولة وتلغي شرعية مؤسساتها معروفة عناصرها ومعروف من يسندهم ويحركهمفأذرع العنف السياسي المنتحلة لصفة حماية الثورة خدمة للأجندات الحزبية مرفوضة، ومرفوض كذلك أي شكل من أشكال التنظم الميليشيوي خارج إطار أجهزة الدولة حتى وإن سعى لحماية النفس من عنف الآخرين.

تونس لكل أبنائها دون إقصاء ولا استثناء، ومن أجرم في حقها يحاسب في إطار القضاء. لا يحق لأية جهة كائنة من تكون أن تنصب نفسها خصما وحكما وتستغل ما لديها من سلطة «شرعية» لتصفية خصومها السياسيين باسم هذه الشرعية!!!؟

وعلى القضاء أن يتحرك لمحاكمة قتلة شهيد الديمقراطية لطفي نقض سواء منهم من نفّـذ أو حرض ويأخذ لأهله ثأرهم حتى لا يطلبوه بأنفسهم.

بعض المورطين حاولوا قلب الحقائق وتحويل الضحية الى جلاد!! فالقتلة الذين نصبوا أنفسهم جلادين للثورة أصبحوا ضحايا والقتيل المتحصن في موقع عمله الذي هاجموه فيه أصبح حسب تقديرهم إرهابيا يستخدم السيوف والمولوتوف!؟ لكن ترى هل انطلى دجلهم على التونسيين؟ أشك في ذلك...

موقف الرئيس المرزوقي كرجل دولة وحسه الانساني المرهف كحقوقي وكأب تحسس ألم ومعاناة أيتام ستة وأمهم  حرمتهم يد الغدر من معيلهم، وترفعه على الاعتبارات الحزبية الضيقة جعله يكبر في أعين التونسيين ويستحق بأن نخاطبه بكل جدارة: دولة الرئيس.. وهي أرفع مما عداها من الصفات كصاحب الفخامة والسيادة، حيث أظهر بالفعل أنه أهل لها، وهو ما نأمل أن يتواصل.

*المصدر: جريدة "الصحافة"، الأحد 21 أكتوبر 2012