lundi 25 avril 2011

اعتصام في جريدة الصحافة احتجاجا على قرار ارتجالي بوقف إصدارها



تونس في 25/4/2011

لائحة إعتصام


نحن العاملين بجريدة "الصحافة" من صحفيين وتقنيين وعملة المعتصمين اليوم الإثنين 25 أفريل 2011 إثر التطورات الخطيرة التي عرفتها مؤسستنا بالإعلان المباغت لمديرها العام خلال اجتماع مفاجئ ومدبّر له قراره بوقف صدور جريدة "الصحافة" بداية من 29 ماي 2011 بدعوى الخسائر المالية التي خلفتها خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2010 (هكذا !!) وذلك للتستر على الملفات الحقيقية للفساد التي طالبنا مرارا بكشفها ومعاقبة المسؤولين عنها.

لقد مثلت جريدتنا عنوانا لاستمرار الدولة في أصعب فترات اضطرابها حيث لم تتوقف يوما واحدا عن الصدور قبل 14 جانفي 2011 وبعده بفضل تضحيات أبنائها. وتمكنت من إنجاز نقلة نوعية في محتواها بعد قيام الثورة بشهادة الخبراء والمتابعين. لكن الادارة العامة للمؤسسة عجزت عن مواكبة هذه النقلة والقيام بدورها في ضمان توزيع الجريدة التي ظلت مفقودة في السوق سواء في تونس الكبرى أو داخل الجمهورية. وهو عجز في ظاهره يغطي تواطؤا غير معلن ففي الأماكن القليلة التي توزع فيها فهي تكون غالبا مخفية ولا يقع تقديمها إلا عند الطلب.

وعوض العمل على تفعيل توزيع الجريدة وزيادة سحبها مثلما التزم به، قام الرئيس المدير العام بعملية تجييش مدانة أعلن خلالها قراره بوقف صدورها مستندا إلى ضوء أخضر من الوزارة الأولى حسب قوله.

ونحن كعاملين في المؤسسة بقدر حرصنا على تطوير جريدتنا وقد تحمّلنا مسؤوليتنا في ذلك فنحن حريصون على وضع حد للفساد ولسوء التصرف فيها ومحاسبة المسؤولين عنه ونطالب بفتح تحقيق وإحالة هذا الملف على القضاء حتى يقول كلمته فيه.

كما نطالب بتكليف مكتب دراسات مختص بإعداد دراسة حول وضع المؤسسة ككل لتحديد مواطن الخلل فيها وتقديم تصور واضح ومدروس حول سبل النهوض بها.

ونعبّر عن تمسكنا الكامل بزملائنا المتعاقدين ورفضنا إقصاء أي واحد منهم عن الجريدة حيث بذلوا من الجهد وأظهروا من الكفاءة والحماسة ما يجعل وجودهم في صلب الجريدة حيويا لاستمرارها وتطويرها.


وحيث انقلب الرئيس المدير العام على اتفاق بين أسرة التحرير ومجلس الادارة في 12 فيفري 2011 يقضي بأن يتولى صحفيو الصحافة تحمّل مسؤوليتهم في تطوير الجريدة كما اعتبر أن قراره بوقفها محسوم وغير قابل للنقاش، فنحن بالمقابل نحمله كامل تبعات ذلك. فلا تفاوض مع الرئيس المدير العام السيد احميدة بنرمضان الذي فقد مصداقيته ولم يعد محلا لأي ثقة، ونطالب بالتالي برحيله وتعويضه بمسؤول يكون قادرا على تحمّل أعباء مؤسسة عريقة في حجم دار لابراس.


ولن نقبل التفاوض في هذا الأمر إلا مع الوزارة الأولى باعتبارها سلطة الإشراف على مؤسستنا العمومية.


ويحيّي المعتصمون كافة الزميلات والزملاء من مختلف وسائل الاعلام الذين حضروا للتضامن معهم ويؤكدون لهم ولكل من يهمه الأمر أن شعلة جريدة "الصحافة" لن تنطفئ. وستواصل صدورها جريدة يومية عربية الهوية تخاطب المواطن بلغته العربية في دولته العربية المعاصرة.



dimanche 24 avril 2011

هل فقدت رابطة حقوق الإنسان صوابها!؟




أسبوع كامل ينقضي اليوم على لقاء الوزير الأول الباجي قائد السبسي يوم الاثنين 18 أفريل 2011 برئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي ولا من معقّب ولا من معلّق على تصريح هذا الأخير الذي ذكر فيه إثر اللقاء بأن "إقصاء التجمعيين هو مطلب شعبي يأتي استجابة للرأي العام وجاء نتيجة لإرادة توافقية بين كل أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة". قبل أن يضيف بأن "الهيئة العليا ستضبط قائمة بأسماء الأشخاص الذين سيتم إبعادهم من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي".

من حق كل التونسيين التمسك بالقصاص من كل من أساء إليهم وبالطموح إلى إعادة بناء تونس على أسس صلبة ونظيفة لا تلوثها وتضعفها شوائب الفساد والتسلّط المرتبطين بالنظام السابق من خلال أعوانه الذين كانوا أدواته للإجرام في حق تونس ماضيا وحاضرا ومستقبلا وهم في حزب التجمع المنحل وخارجه. لكن وضع الرابطة في هذا السياق مختلف.

فالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان شكلت منذ تأسيسها قلعة عصية على الظلم والاستبداد. وحتى في أحلك فترات ضعفها الهيكلي لما سلط عليها من قمع ومحاصرة فقد عرفت كيف تبقى صامدة في وجه الإعصار ونجحت في إسقاط كلّ محاولات السلطة ومناوراتها لتدجينها وإسكاتها وإقصائها من ساحة الفعل العام لتلعب دورها الطبيعي في التنديد بالظلم المسلط على الضعفاء والمضطهدين.


من كان يصدّق أن قيادة الرابطة برموزها المحسوبين أساسا على اليسار ستقف ضد قمع السلطة للإسلاميين مثلا واضطهادها لهم وستدافع عنهم بكل شراسة باعتبارهم مواطنين تونسيين لهم حقوق وكرامة هي جزء لا يتجزأ من كرامة التونسيين جميعا وعلى السلطة احترامها؟

عندما تعلقت الرابطة بالمبادئ العامة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ورفضت السقوط في مستنقع التمييز بين التونسيين... لم تسقط..

وعندما تمسكت بعلوية القانون والمؤسسات بنت حولها سورا من النار لم تقدر السلطة السابقة على اختراقه والنيل منها.
لذلك لا يمكننا إلاّ أن نشعر بالصدمة لتصريح رئيس الرابطة الذي لم يرتكز في موقفه على المبدإ الحقوقي وعلى ميثاق الرابطة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بل على "ما يطلبه المستمعون" بمنطق: "الجمهور عايز كده"!!؟

وما يعمّق الأسى هو أن لا أحد من قيادة الرابطة تدخل لتعديل المسار والتأكيد على أن الرابطة لا تنساق وراء الرأي العام أيّا كان الظرف بل هي هيكل قائد يتصرّف من منطلقات مبدئية راسخة ينتصر لحقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها ولا تهزه الانفعالات مهما كانت مبررة.

عندما تأخذ الحماسة رابطتنا حدّ الدخول في لعبة قبول تسليط عقاب على أشخاص بقطع النظر عن جرمهم، خارج إطار القضاء أو أي هيكل دستوري مخوّل لذلك... لا يمكننا إلاّ أن نقول بكل أسف: فقدت رابطتنا العتيدة صوابها.. فإلى أين نحن ماضون؟

الثورة اندفاع في منطلقاتها ولكن لا ينجحها إلاّ العقل. والتمسك بالحكمة والعدل حتى وان عارض هوى النفس الغريزي والثبات على المبادئ مهما كان التيار المخالف في الرأي جارفا قيم نادرة وأصيلة، بلادنا في أشد الحاجة إليها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها.

زياد الهاني


افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الأحد 24 أفريل 2011

dimanche 17 avril 2011

حرمان أحمد إبراهيم وأحمد نجيب الشابي من حقوقهما السياسية !؟



قراءة متأنية للفصل 15 المثير للجدل من مشروع القانون الانتخابي المعدّ من قبل هيئة الأستاذ عياض بن عاشور تظهر أن قامتين وطنيتين في حجم أحمد إبراهيم وأحمد نجيب الشابي سيتم حرمانهما من حق الترشح للانتخابات القادمة للمجلس التأسيسي ؟!
فقد نص هذا الفصل على أن يمنع الترشح لعضوية المجلس التأسيسي عن كل من تحمّل مسؤولية في صلب الحكومة أو هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي خلال الثلاثة والعشرين سنة الأخيرة.

وإذا اعتبرنا أن تطبيق أي نص قانوني يبدأ من تاريخ صدوره فذلك يعني ضمنيا أن احتساب مدة الثلاثة والعشرين عاما ينطلق بداية من هذا التاريخ أي تاريخ صدور القانون. واعتبارا لأن أحمد إبراهيم وأحمد نجيب الشابي تحملا مسؤوليات وزارية بعد 14 جانفي 2011 لكن قبل صدور هذا القانون، لذلك فان حظر الترشح والحرمان من الحقوق السياسية يشملهما كذلك !!؟ فهل يستقيم ذلك ؟ هل يستقيم منع رمزين نضاليين ثبتا في أحلك الظروف ولم يسقطا من أيديهما شعلة الأمل واختارا طواعية مواصلة معركتهما من أجل الكرامة والحرية من داخل الوطن متحملين في ذلك كل ما تحملاه ؟ هذا الوضع غير مقبول ولا يمكن تحمله البتة.

كثيرون هم الذين يشعرون بخيبة الأمل من أداء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي، كان مطلوبا من أعضاء هذه الهيئة، رغم كل التساؤلات المطروحة حول مدى أهلية بعضهم وحقيقة انتماءاتهم السياسية، أن يعدّوا مشروع قانون انتخابي يكفل للشعب اختيار أفضل أبنائه لصياغة نص دستوري جديد يجسد سلطته ويحميها من الاستبداد، لكن الحسابات الحزبية طغت على ما يبدو وجعلت من الثورة ستارا لتبرير الإقصاء السياسي والعقاب الجماعي وهو ما ترفضه كل العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

لا يختلف تونسيان اليوم حول ضرورة محاسبة كل من أذنب في حق البلد وتحميله مسؤولياته في ما اقترفه .. لكن بالعدل وبالقانون وحده.
الحسابات الحزبية أقرت كذلك مبدأ اعتماد القائمات في دوائر انتخابية كبرى عوض القائمات الفردية في دوائر صغرى قد تعجز عن ملئها. أحزاب أرادت الاستئثار بمقاعد المجلس التأسيسي وتركيز سلطتها ولو على حساب كفاءات وطنية تحظى بالثقة والاحترام ومن حقها المساهمة في صياغة مستقبل تونس.

إلى أين نمضي ؟ الجواب عند مجلس الوزراء والرئيس المؤقت .. وكذلك المحكمة الإدارية إن لزم الأمر.
الذين قاموا بالثورة من أجل تونس ومن دون حساب، لن يتركوا الثورة الكبرى تسرقها الحسابات السلطوية الأنانية الضيقة.

زياد الهاني

افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الأحد 17 أفريل 2011

vendredi 15 avril 2011

لا نريد الوقوع في شراك الاستبداد مجددا


لا نريد الوقوع في شراك الاستبداد مجددا

أن نمضي لانتخاب مجلس تأسيسي ثان لصياغة دستور جديد لبلادنا يوم 24 جويلية المقبل إن ثبت الموعد، أي بعد أكثر من 55 عاما من انتخاب أول مجلس قومي تأسيسي في 25 مارس 1956، ففي ذلك مدعاة للتأمل والنظر.

أكثر من 55 عاما أضعناها وكنا بحاجة إلى أن نقف على حافة الانهيار حتى ندرك بأن بناء دولتنا الوطنية لم يكن على أسس سليمة ولو لم يكن الأمر كذلك لما احتجنا لمراجعة الأمر والعمل على إصلاحه.

المجلس القومي التأسيسي الأول لم يأت من فراغ بل جاء تكريسا لمطلب وطني تبناه الحزب الحر الدستوري في مؤتمره المنعقد يوم 15 نوفمبر 1955 بمدينة صفاقس حيث دعا إلى انتخاب مجلس تأسيسي يجسّد سلطة الشعب باعتباره مصدرا للسيادة ينوبه فيها برلمان منتخب انتخابا عاما حرّا مباشرا.

وبعد أكثر من 55 سنة وقفنا على حقيقة مرّة مفادها أن سيادة الشعب لم تكن سوى وهما ولم يكن الدستور سوى حبر على ورق أو صك أفرغه الاستبداد من رصيده.

كيف تمكن الاستبداد منّا وسرق جهاد آبائنا وأجدادنا وأحلامهم وآمالنا؟

مات الملك، عاش الملك... ليس مهمّا أن يكون الملك جلالة باي أو فخامة رئيس للجمهورية بقدر ما يهمّنا أنه طوّع كل أجهزة الدولة وجعلها أداة لاستعباد شعب توهّم الحرية!؟.

تفويض المجلس التأسيسي المقبل صلاحية التشريع واختيار الحكومة ورئيس الجمهورية في نفس الوقت تمهيد لعودة الاستبداد، ذلك أن توفر أغلبية من نفس التوجه داخل هذا المجلس مثلما حصل مع نواب «الجبهة القومية» في 1956، يعني أننا مرشحون للسير في نفس المسار؟.

هناك أزمة ثقة حقيقية اليوم بين السلطة والمجتمع، بين عامة الناس والنخب. الانتخابات المقبلة للمجلس التأسيسي كان بإمكانها أن تضعنا على سكة المصالحة، لكن الحسابات الحزبية هي التي طغت على أعمال هيئة الأستاذ عياض بن عاشور.

فقد تم استبعاد نظام الدوائر الفردية المصغرة التي لن تتجاوز حدود المعتمدية والتي كانت ستمكن الناخب من فرصة اختيار أشخاص يعرفهم ويثق فيهم بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو السياسية، والاستعاضة عنها بنظام القائمات الذي جرّبناه وكانت نتائجه معلومة. يبدو أن المنطق الذي ساد عملية اختيار النظام الانتخابي لم يكن لخدمة مصلحة البلاد وتوفير أفضل ضمانات الاختيار للمواطنين بقدر ما كان لتوفير ضمانات التواجد للأحزاب التي سيجد المهيكل منها وحده طريقه للاكتساح!؟.

وفي غمرة الانتشاء بما اعتبروه انتصارا منهم لمكانة المرأة لم ينتبه أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي إلى أن كل الشابات التونسيات اللواتي ساهمن في الثورة وأسقطن الاستبداد وكنّ في أحيان كثيرة أكثر عددا من الشبان لم يتحركن في إطار "الكوتا" المهينة بل كمواطنات حرائر لا فرق بينهن وبين الرجال.

نعلم جميعا أن موقف السلطة التنفيذية الانتقالية حكومة ورئيسا هش، لكن المواقف المبدئية الشجاعة التي لا تراعي غير مصلحة الوطن قادرة على الثبات في وجه العواصف وجعلها تتكسر على أسوارها الاعتبارية..

تحيا تونس ـ تحيا الجمهورية.

زياد الهاني


افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم السبت 16 أفريل 2011