mercredi 6 avril 2011

نعم للأمن... لا للتناحر الجهوي




نعم للأمن... لا للتناحر الجهوي

فجأة ودون سابق مقدمات انفجر الوضع في ربض باب الجزيرة العريق في تونس العاصمة وتحول نهج سيدي بومنديل ونهج الصباغين إلى ساحة حرب شهدت استخدام مختلف أنواع المقذوفات وأدوات الضرب والطعن من قبل مجموعات من الشبان المشاغبين الذين توقعوا القدرة على فرض إرادة السوء بالقوة وإحراق البلد.
حادثة قتل مأساوية ذهب ضحيتها طالب جامعي في مقتبل العمر من سكان نهج سيدي البشير على يد أحد الباعة المنتصبين القادمين من إحدى الجهات الداخلية كانت كافية لتشعل حريقا في قلب العاصمة امتد لهيبه ليضرب مدينة جلمة وسط البلاد حسب آخر المعلومات التي وصلتنا.
حالة رعب حقيقية يعيشها سكان المنطقة منذ شهر فيفري المنقضي بشكل خاص إثر توافد عدد كبير من الشبان من مناطق داخلية مختلفة للعمل كباعة متجولين ومنتصبين بعد أن أغلقت في وجوههم كل أبواب الرزق في جهاتهم المحرومة، وبدا من الطبيعي أن يتحول نهج سيدي بومنديل المركز الرئيسي لتصريف التجارة الموازية في العاصمة إلى قطب جذب أساسي لهؤلاء المحرومين الذين أصبحوا يشكلون عبءا ثقيلا على أصحاب المحلات التجارية نتيجة المنافسة غير الشريفة بين الطرفين ورجحان كفتها لفائدة الوافدين.
ولم يقف الأمر عند حدود التأثيرات الاقتصادية وما يتبعها من مواجهات حادة أحيانا بل تجاوزها الى التأثير بشكل كبير على البنى الاجتماعية في المنطقة من قبل جزء هام من الوافدين الشباب القادمين أساسا من مناطق ريفية محافظة على المدينة المنفتحة وما يعنيه ذلك من حالات الاحتكاك مع حلقات محرمة خاصة عندما يتعلق الامر بالتحرش بفتيات ونساء الأحياء المجاورة واستخدام لغة بذيئة تصدم الحياء ولا ترعى الحرمات وقدسية الروابط الأسرية وضرورات التواصل على قاعدة الاحترام المتبادل بين الجميع.
لذلك شكلت حادثة قتل المرحوم الشاب سيف الله بالشارنية الشرارة التي أشعلت برميل البارود لتتحول المطالبة فيها بالثأر الى دعوات للتطهير رغم ما في هذا المصطلح من طابع كريه.
ورغم محاولات التهييج التي انتهجها البعض الا أن سكان سيدي البشير وباب الفلة وباب الجزيرة والصباغين كانوا واضحين في إقرارهم بأن لا مشاكل لهم البتة مع أصحاب المتاجر سواء منهم اصيلو جلمة أو سيدي بوزيد أو مكثر أو غيرها من أبناء المناطق الداخلية مع التأكيد على أن مشكلتهم الأساسية محصورة في عدد من الشباب المندفع الذي تصور أن الثورة تخوله فرض ارادته المنفلتة بالقوة دون مراعاة لقيم ولا لاخلاق. لذلك كان ترحيب المواطنين كبيرا بقوات الامن التي جاءت لتخليصهم من كابوس حول حياتهم جحيما.
وبقطع النظر عن أهمية التجاوزات الحاصلة إلا أنه من المهم الانتباه حتى نتحاشى كل انحراف ذي طابع جهوي. فالوحدة الوطنية مبدأ مقدس وخط أحمر لا مجال للتلاعب به وهؤلاء الشباب حتى وإن أخطأوا يظلون أبناء تونس وقرة عينها.

زياد الهاني

افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الأربعاء 6 أفريل 2011