قراءة متأنية للفصل 15 المثير للجدل من مشروع القانون الانتخابي المعدّ من قبل هيئة الأستاذ عياض بن عاشور تظهر أن قامتين وطنيتين في حجم أحمد إبراهيم وأحمد نجيب الشابي سيتم حرمانهما من حق الترشح للانتخابات القادمة للمجلس التأسيسي ؟!
فقد نص هذا الفصل على أن يمنع الترشح لعضوية المجلس التأسيسي عن كل من تحمّل مسؤولية في صلب الحكومة أو هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي خلال الثلاثة والعشرين سنة الأخيرة.
وإذا اعتبرنا أن تطبيق أي نص قانوني يبدأ من تاريخ صدوره فذلك يعني ضمنيا أن احتساب مدة الثلاثة والعشرين عاما ينطلق بداية من هذا التاريخ أي تاريخ صدور القانون. واعتبارا لأن أحمد إبراهيم وأحمد نجيب الشابي تحملا مسؤوليات وزارية بعد 14 جانفي 2011 لكن قبل صدور هذا القانون، لذلك فان حظر الترشح والحرمان من الحقوق السياسية يشملهما كذلك !!؟ فهل يستقيم ذلك ؟ هل يستقيم منع رمزين نضاليين ثبتا في أحلك الظروف ولم يسقطا من أيديهما شعلة الأمل واختارا طواعية مواصلة معركتهما من أجل الكرامة والحرية من داخل الوطن متحملين في ذلك كل ما تحملاه ؟ هذا الوضع غير مقبول ولا يمكن تحمله البتة.
كثيرون هم الذين يشعرون بخيبة الأمل من أداء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي، كان مطلوبا من أعضاء هذه الهيئة، رغم كل التساؤلات المطروحة حول مدى أهلية بعضهم وحقيقة انتماءاتهم السياسية، أن يعدّوا مشروع قانون انتخابي يكفل للشعب اختيار أفضل أبنائه لصياغة نص دستوري جديد يجسد سلطته ويحميها من الاستبداد، لكن الحسابات الحزبية طغت على ما يبدو وجعلت من الثورة ستارا لتبرير الإقصاء السياسي والعقاب الجماعي وهو ما ترفضه كل العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
لا يختلف تونسيان اليوم حول ضرورة محاسبة كل من أذنب في حق البلد وتحميله مسؤولياته في ما اقترفه .. لكن بالعدل وبالقانون وحده.
الحسابات الحزبية أقرت كذلك مبدأ اعتماد القائمات في دوائر انتخابية كبرى عوض القائمات الفردية في دوائر صغرى قد تعجز عن ملئها. أحزاب أرادت الاستئثار بمقاعد المجلس التأسيسي وتركيز سلطتها ولو على حساب كفاءات وطنية تحظى بالثقة والاحترام ومن حقها المساهمة في صياغة مستقبل تونس.
إلى أين نمضي ؟ الجواب عند مجلس الوزراء والرئيس المؤقت .. وكذلك المحكمة الإدارية إن لزم الأمر.
الذين قاموا بالثورة من أجل تونس ومن دون حساب، لن يتركوا الثورة الكبرى تسرقها الحسابات السلطوية الأنانية الضيقة.
زياد الهاني
افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الأحد 17 أفريل 2011