dimanche 24 avril 2011

هل فقدت رابطة حقوق الإنسان صوابها!؟




أسبوع كامل ينقضي اليوم على لقاء الوزير الأول الباجي قائد السبسي يوم الاثنين 18 أفريل 2011 برئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي ولا من معقّب ولا من معلّق على تصريح هذا الأخير الذي ذكر فيه إثر اللقاء بأن "إقصاء التجمعيين هو مطلب شعبي يأتي استجابة للرأي العام وجاء نتيجة لإرادة توافقية بين كل أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة". قبل أن يضيف بأن "الهيئة العليا ستضبط قائمة بأسماء الأشخاص الذين سيتم إبعادهم من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي".

من حق كل التونسيين التمسك بالقصاص من كل من أساء إليهم وبالطموح إلى إعادة بناء تونس على أسس صلبة ونظيفة لا تلوثها وتضعفها شوائب الفساد والتسلّط المرتبطين بالنظام السابق من خلال أعوانه الذين كانوا أدواته للإجرام في حق تونس ماضيا وحاضرا ومستقبلا وهم في حزب التجمع المنحل وخارجه. لكن وضع الرابطة في هذا السياق مختلف.

فالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان شكلت منذ تأسيسها قلعة عصية على الظلم والاستبداد. وحتى في أحلك فترات ضعفها الهيكلي لما سلط عليها من قمع ومحاصرة فقد عرفت كيف تبقى صامدة في وجه الإعصار ونجحت في إسقاط كلّ محاولات السلطة ومناوراتها لتدجينها وإسكاتها وإقصائها من ساحة الفعل العام لتلعب دورها الطبيعي في التنديد بالظلم المسلط على الضعفاء والمضطهدين.


من كان يصدّق أن قيادة الرابطة برموزها المحسوبين أساسا على اليسار ستقف ضد قمع السلطة للإسلاميين مثلا واضطهادها لهم وستدافع عنهم بكل شراسة باعتبارهم مواطنين تونسيين لهم حقوق وكرامة هي جزء لا يتجزأ من كرامة التونسيين جميعا وعلى السلطة احترامها؟

عندما تعلقت الرابطة بالمبادئ العامة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ورفضت السقوط في مستنقع التمييز بين التونسيين... لم تسقط..

وعندما تمسكت بعلوية القانون والمؤسسات بنت حولها سورا من النار لم تقدر السلطة السابقة على اختراقه والنيل منها.
لذلك لا يمكننا إلاّ أن نشعر بالصدمة لتصريح رئيس الرابطة الذي لم يرتكز في موقفه على المبدإ الحقوقي وعلى ميثاق الرابطة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بل على "ما يطلبه المستمعون" بمنطق: "الجمهور عايز كده"!!؟

وما يعمّق الأسى هو أن لا أحد من قيادة الرابطة تدخل لتعديل المسار والتأكيد على أن الرابطة لا تنساق وراء الرأي العام أيّا كان الظرف بل هي هيكل قائد يتصرّف من منطلقات مبدئية راسخة ينتصر لحقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها ولا تهزه الانفعالات مهما كانت مبررة.

عندما تأخذ الحماسة رابطتنا حدّ الدخول في لعبة قبول تسليط عقاب على أشخاص بقطع النظر عن جرمهم، خارج إطار القضاء أو أي هيكل دستوري مخوّل لذلك... لا يمكننا إلاّ أن نقول بكل أسف: فقدت رابطتنا العتيدة صوابها.. فإلى أين نحن ماضون؟

الثورة اندفاع في منطلقاتها ولكن لا ينجحها إلاّ العقل. والتمسك بالحكمة والعدل حتى وان عارض هوى النفس الغريزي والثبات على المبادئ مهما كان التيار المخالف في الرأي جارفا قيم نادرة وأصيلة، بلادنا في أشد الحاجة إليها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها.

زياد الهاني


افتتاحية جريدة "الصحافة" الصادرة يوم الأحد 24 أفريل 2011