mardi 15 mai 2012

لا ديمقراطية تحت تهديد السلاح


لا ديمقراطية تحت تهديد السلاح

بقلم: زياد الهاني

الديمقراطية نظام يكفل التعبير الحرّ عن إرادة الفرد والشعب وتجسيدها.
لذلك تعتبر الحرية وأساسا حرية الصحافة قاعدة أساسية لأي بناء ديمقراطي وضمانة لا غنى عنها لإنجاح صيرورته.

وإذا كانت الحرية تحتاج القوة أحيانا لحمايتها ممن لا يؤمن بها ويسعى لمصادرتها إلا أنه لا يمكنها أن تنبني على أساس ممارسة القوة بكل أشكالها داخلا فيها العنف والتهديد بها.

فالحرية تقوم أساسا على الارادة الحرة في منطلقها وعلى الجدل في تعاطيها الجماعي بحثا عن الأصوب والأصلح، لكنها تفقد معناها إذا ما دخلت عليها القوة أو التهديد بها لتحديد مساراتها.

يراقب التونسيون اليوم بكل قلق ظاهرة تسلل السلاح الى بلادنا وتوسع تجارته. وزاد قلقهم بعد حادثة بئر علي بن خليفة التي شهدت اشتباكا مسلحا بين مجموعة ارهابية سلفية ووحدة من الجيش الوطني قضت على اثنين من عناصرها اعتبرهما فريقهما شهيدين عند الله مآلهما الجنة!؟

وقبل ذلك حصلت حادثة الروحية التي شهدت استشهاد عناصر من جيشنا الوطني خلال اشتباك مع مجموعة مسلحة أخرى.

وإذا كان استخدام السلاح من قبل الجماعات الارهابية يمثل حدّا متقدما لاستخدام العنف إلا أن استعمال العنف منتشر في أطر أخرى تتراوح بين الميلشيات التي تتحرك  للدفاع عن الحكومة وإفساد التظاهرات الاحتجاجية المناوئة لها وبين المجموعات السلفية التي تتصدى لأصحاب الفكر وتمنعهم من التواجد للتعبير في الفضاءات العامة مثلما حصل مع الدكتور يوسف الصديق مؤخرا في قليبية ثم في الجامعة الزيتونية عندما أقدمت مجموعة من الطلبة السلفيين على منعه بالقوة من حضور ندوة علمية!؟ شباب يفترض أنهم طلبة علم يمنعون مفكرا وأستاذا جامعيا شيخا من التعبير عن رأيه بل ومن الحضور أصلا في ندوة علمية لأنهم يخالفونه الرأي!؟

بعض الأطراف السياسية والحكومة كلما طلب منها أن تضع حدّا لهذه الظاهرة المرضية الخطيرة وتتعامل معها بحزم تسارع الى التملص بزعم ان الرفق مطلوب في هذه المرحلة التي قد تتحول الى استخدام للرصاص لو قررت الحكومة التعامل معها بجدّ.

إذا كان الأمر كذلك فعلا فالحل يكمن ليس في المهادنة مع جماعة متطرفة لم تخف أنها بصدد جمع أسباب القوة لتحقيق برنامج تسلطي معلن، بل في مواجهتها واستئصال الداء من أصله حماية للديمقراطية وضمانا لعدم الانقلاب عليها.

فالديمقراطية لا يمكنها أن تعيش تحت تهديد السلاح والجماعات المتطرفة والإرهابية. ومن هنا جاءت ضرورة الحسم بين حالتين لا يمكن الجمع بينهما. والإيمان بالديمقراطية يحتم العمل على القضاء على تهديد السلاح، فالجماعات الارهابية والمتطرفة الملتحفة برداء الدين ورم سرطاني يتوجب قطعه قبل ان يستفحل ويحرق كل معاني الحياة.

جريدة "الصحافة" ،  العدد الصادر يوم الثلاثاء 15 ماي 2012