mercredi 16 mai 2012

حركة النهضة وسياسة التشكيك في الإعلام : انقطع حبل التزييف

مجرد رأي

حركة النهضة وسياسة التشكيك في الإعلام
انقطع حبل التزييف

بقلم: زياد الهاني

لا يترك العديد من قادة حركة النهضة سواء في الحكومة أو المجلس التأسيسي أو تنظيمهم الحزبي مناسبة تمر دون القدح  في الاعلام والتشكيك في مصداقيته والتأكيد على أن الشعب غير راض عن أدائه!؟
سبر الآراء الأخير الذي أجرته مؤسسة «سيغما كونساي» ونشرت جريدة «المغرب» في عددها الصادر يوم السبت 12 ماي 2012 جاء ليفنّد مزاعم حركة النهضة حيث أكد بأن (٪62.7) عبروا عن رضاهم عن أداء المنظومة الاعلامية واعتبروا أن تأثيرها على الأوضاع في تونس طيب. في نفس عملية سبر الآراء هذه عبر (٪64.2) من المستجوبين  عن نظرة إيجابية تجاه حركة النهضة توزعت كالتالي:
٪37.4  إيجابية الى حد ما و٪26.8 ايجابية جدا فيما اعتبر ٪37.5 من المستجوبين ان حركة النهضة هي الأقرب الى قناعاتهم. في المقابل جاءت نتائج سبر الآراء مخيبة لآمال الحزب الجمهوري الذي يحمل لواء المعارضة ضد الثلاثي الحاكم حيث لم يجد سوى ٪5 من المستجوبين أنه قريب الى قناعاتهم (٪3.4 للحزب الديمقراطي التقدمي و٪1.6 لآفاق تونس).
ولا نظن قادة حركة النهضة يشككون في هذه النتائج التي تؤكد تفوقهم على خصومهم ومنافسيهم السياسيين وبالتالي لا يمكنهم التشكيك في ما توصل إليه سبر الآراء من نتائج بالنسبة للإعلام والكف عن القول بأن الشعب غير راض عنه وهو ما يمثل انقطاعا لحبل التزييف الذي كان يراد به تكتيف الاعلام وتسخيره.
والمفارقة الغريبة هي أن قادة حركة النهضة هم أكثر الناقدين للإعلام وفي نفس الوقت الأكثر ظهورا فيه على الإطلاق. فصرخات الغبن التي  يطلقونها في كل مكان ويروجها على نطاق واسع وبكثير من العنف في أحيان كثيرة مناصروهم على الشبكات الاجتماعية الإلكترونية لا يمكنها ان تحجب حقيقة التواجد الطاغي لهؤلاء في المساحات التلفزية والإذاعية والمكتوبة للإعلام.
والتونسيون اليوم يعرفون تقريبا كل قادة حركة النهضة ومسؤوليها الذين يتناوبون الظهور في حين  لا يعرفون سوى عدد محدود من قادة المعارضة الذين تتباعد فترات ظهورهم.
ورغم نفي الحكومة ومسؤولي حركة النهضة أي نيّة لهم لإعادة فرض الوصاية على إعلام تحرر ويرفض بكل قوة العودة الى مربع الأسر والتبعية، مربع الولاء للحكومة والحزب الحاكم والتهليل لهما ولانجازاتهما إلا أن هذه السياسة التشكيكية في الاعلام وأهله ومحاولات الهيمنة على المشهد الاعلامي وابتلاعه بشكل كامل لا يمكنها إلا أن تزيد من يقظة أهل المهنة وتجندهم للدفاع عن حرية الصحافة واستقلالية مؤسسات الاعلام العمومي.
دون أن نغفل في الأثناء ان ٪36.2 من المستجوبين عبروا عن عدم رضاهم عن أدائنا كإعلاميين وهو ما يحملنا مسؤولية أكبر في العمل على تحسين ادائنا المهني وتطويره حتى يكون في مستوى انتظارات المتلقين الذين يحق لهم ان يطالبوا بإعلام وطني يكون في مستوى تطلعاتهم واستحقاقات الثورة. وهو ما نطمح إليه بكل قوة من جانبنا.

جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الأربعاء 16 ماي 2012