jeudi 14 janvier 2010

الحديث عن تعيين نائب لرئيس الدولة : لا للتسرع!؟


التونسيون شاعرون عموما بدقة المرحلة التي تمر بها بلادهم وخطورة الاستحقاقات والتحديات التي تنتظرها. لذلك فهم متعطشون لمتابعة كل المعلومات المترتبطة بهذا الموضوع، وهو ما يستوجب التعامل معه بكل روية وتدقيق بعيدا عن الارتجال والتسرع.
وفي هذا السياق نشرت "السبيل أونلاين" مراسلة من تونس بتاريخ 9 جانفي 2010 تحت عنوان "أنباء عن نية السلطة التونسية تعيين نائب لرئيس الدولة لأول مرة" (تونس نيوز العدد 3522 بتاريخ 13 جانفي 2010 ).

وإذا كان الحديث عن صحة رئيس الدولة وعن مسألة "التوريث" رغم الطابع المستفز لهذا المصطلح، دارجا بين عموم التونسيين؛ إلاّ أنه لا يمكن التسليم بأن « 300 من كوادر ونواب الحزب الحاكم "التجمع الدستوري الديمقراطي" ، وقّعوا على رسالة سرية موجهة إلى اتحاد المغرب العربي ، ووزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي ، يشجبون فيها المناورات من جانب المحيطين بالرئيس والتى تهدف إلى تسمية وزير الصحة الحالي منذر الزنايدي رئيسا للحكومة» مثلما أوردت "السبيل أونلاين" نقلا عن مركز المعلومات الاستراتيجية والدفاع الذي استندت إليه!؟

فالمعايش للواقع التونسي يدرك جيدا بأن كوادر التجمع الدستوري الديمقراطي مغيّـبون تماما في ظل المركزة المفرطة للقرار والتأثيرات التي تحكمه، ولا يمكنهم في الظرف الحالي القيام بتحركات جماعية أو تقديم مبادرات حتى وإن كانت تستهدف تطوير واقعهم الحزبي. وإذا كان هذا الواقع متحكما في حركة الأفراد منهم، فكيف يكون الأمر عندما يتعلق بتحرك 300 كادر حزبي معا!؟

أما الحديث عن توجيه هؤلاء التجمعيين «رسالة سرية .. إلى اتحاد المغرب العربي ، ووزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي» فأقل ما يقال حوله هو أنه غريب ولا يستقيم منطقا ولا واقعا، ولم يكن حريّـا نقله هكذا بكل بساطة. خاصة وأن الخبر مأخوذ عن نشرية "تي تي يو" المختصة في الشؤون الاستراتيجية والدفاع
الفرنسية المعروفة بارتباطها بالاستخبارات العسكرية. وكان يتوجب بالتالي التعامل مع "معلومات" هذه النشرية الفرنسية بحذر.

فالقارئ لا يحتاج إلى مجهود حتى يدرك بأن الخبر المنقول استهدف السيد منذر الزنايدي الذي يعتبر حسب عديد الملاحظين أحد أكثر الوزراء التونسيين كفاءة وإشعاعا. وذلك من خلال ربط اسمه بأشخاص نافذين يكرههم التونسيون ولا يحترمونهم. مع التعريج الصريح على مسألة الجهوية البغيضة، وكأنه لا يحقّ للسيد منذر الزنايدي باعتباره ينتمي إلى جهة القصرين الداخلية التي عانت طويلا من الحرمان، أن يكون مواطنا كاملا ويلعب دورا أول في بلاده!؟

وخلافا لما ذكرته "السبيل أونلاين" من أن «المركز الإستراتيجي ومقره العاصمة الفرنسية باريس (قال) أن بن علي أخذ أخيرا بإقتراح حزبه تعيين عبد الرحيم الزواري وزيرا للنقل ، في إنتظار تغييرات واسعة في تركيبة الحكومة»، فقد جاء في النشرية المشار إليها ما نصّـه:

On estime que le récent limogeage du ministre du Transport, Abderrahim Zouari, pourrait être le prélude d’un plus large remaniement ministériel, qui calmerait en même temps les remous au sein du parti au pouvoir. (Tunisnews n° 3517 du 08.01.2010).

وهو خبر مغلوط من أساسه لأن الوزير عبد الرحيم الزواري مازال محتفظا بحقيبته الوزارية ولم تتم إقالته مثلما أشارت إليه النشرية الدفاعية الفرنسية. ويدفع بالتالي للتساؤل عن مغزى إدراجه؟

وأستثمر هذه المناسبة لأدعو كافة المهتمين إلى دراسة فكرة استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية، بتأنّ وبعيدا عن الظرفية. ففكرة استحداث هذا المنصب على أن يتم شغله بالانتخاب وليس بالتعيين، أي أن يتم انتخاب الرئيس ونائبه على قائمة واحدة مثلما هو معمول به في النظام الانتخابي الأمريكي، قد تكون جديرة بالنقاش من قبل النخب التونسية.

زياد الهاني