المدوّنة التونسية آمنة بن جمعة تلقت دعوة من السفارة الأمريكية بتونس لحضور ندوة تلفزية تواجه فيها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عددا من الصحفيين والمدونين التونسيين وذلك بمناسبة الزيارة التي تؤديها لبلادنا.
الندوة التي عبرت الحدود الوطنية لقناتينا التلفزيتين الوطنيتين لتستقر بقدرة قادر في ستوديو قناة «نسمة» الخاصة، حرص الجانب الأمريكي على انتقاء ضيوفها بدقة حيث لم يستقدم لها إلاّ من كان له إشعاع وفي العالم الاتصالي باع وذراع، وأساسا من الشباب ومن أشد منتقدي السياسات الأمريكية بأسا.
لكن مدوّنتنا المعروفة بنقدها الليزري اللاذع وجدت نفسها ممنوعة من صعود الحافلة التي كانت ستقل الضيوف الى مقر القناة، ذلك أن أصحابها وضعوا فيتو على مشاركتها دون تقديم أيّ تبرير.
ولم يكن أمام الخارجية الأمريكية وسفارتها في تونس إلاّ الانصياع الى إرادة أصحاب «نسمة»!؟
في المقابل عجزت حكومتنا المؤقتة الموقرة عن توفير أدنى شروط الحماية والكرامة الوطنية للصحفيين التونسيين الذين تحولوا لتغطية الندوة الصحفية للسيدة كلينتون في مقر وزارة الخارجية التونسية.
فقد فوجئ صحفيو تونس الثورة، تونس الحرية والكرامة، بعناصر أمن أمريكيين مصحوبين بكلاب يتجرأون على محاولة تفتيشهم وهو ما رفضوه بشدة مصرّين على أنهم يرفضون أن تنتهك سيادة بلدهم الشامخ المنتصر وحرمتهم وهي جزء منها.
ولم يغير ذلك في شيء من سلوك ضيوفهم، حيث تواصلت المشاحنات في قاعة الندوة نظرا للإصرار على إجلاس الصحفيين التونسيين في المقاعد الخلفية وإفساح الأماكن الأمامية لنظرائهم من الضيوف المبجلين?!؟
وبعد أكثر من ساعتين من الانتظار والجدل، علم الحضور بتغيير مكان الندوة الى القصبة!؟
تصوروا حكومة بكل أجهزتها وهيلمانها تعجز عن فرض إرادتها في تسخير أمننا الوطني لحماية مقر سيادي وضمان كرامة صحفيين تونسيين لم يسعوا الى غير القيام بواجبهم المهني من جهة، وقناة تلفزية خاصة تمكنت في المقابل من فرض إرادتها على أقوى قوة في العالم وتحديد مَن مِن ضيوفها يمكنه التواصل معها ومن لا يمكنه ذلك!! بعد أن احتلت موقعا أثيرا ومؤثرا في بؤرة الحكم بقصر الحكومة بالقصبة بفضل الخبرات «الاتصالية» التي وضعتها على ذمة الوزير الأول المؤقت وهو المدين لها بمنصبه.
رجاء لا تتحدثوا الآن عن عصر الثورة... فأنتم تعيشون عصر جمهورية «نسمة» العظمى!!؟
زياد الهاني
افتتاحية جريدة "الصحافة" ليوم الجمعة 18 مارس 2011