mercredi 16 mars 2011

عاش من عرف قدره يا سي الباجي !؟



ليس من الهيّن على أيّ مواطن أن يشدّ الرحال مع بروز خيوط الفجر الأولى إلى مقر المسؤول، لينتظره هناك مع تباشير الصباح، عسى يبسط عليه مشكلته ويترجى منه لفتة ودعما يخرجه من ضيقه ويفرّج كربته.
العاملون في مؤسسة "كاكتوس" من صحفيين وتقنيين وعملة لم يشذوا عن هذه القاعدة وهم يقصدون ساحة الحكومة بالقصبة آملين النصرة بعد أن ضاقت بهم السبل ووراء كل واحد منهم أسرة يعيلها ولم يعد يجد ما يسدّ به الرمق. أيّ ذنب لهؤلاء إذ عملوا أجراء تنتهك اغلب حقوقهم في مؤسسة كان يملكها بلحسن الطرابلسي في بلد يعدّ العاطلون فيه وأساسا أصحاب الشهادات العليا بمئات الآلاف ؟
منذ الصباح الباكر احتشدوا أمام مقر الوزارة الأولى وهم يهتفون "يا حكومة إتبنّانا ـ كاكتوس ملكي آنا".
كانت رسالتهم واضحة : هذه المؤسسة بالنسبة لهم هي مصدر رزقهم الوحيد. وهم يطلبون من حكومة بلادهم أن تفعل ما في وسعها لإنقاذ مورد عيشهم في وقت عزّت فيه مواقع العمل.
وأخيرا وفي حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا حلّ موكب «الأب المنتظر» وتطلّع الجميع إلى كلمة منه تعيد فيهم الأمل خاصة وأن الرجل لم يتجاهل وجودهم وأقبل عليهم سائلا عن حاجتهم. ولمّا عرف السبب بماذا أجاب معاليه هؤلاء المغلوبين على أمرهم ؟
"شبيكم ما تكلّمتوش قبل وقت اللّي كانوا يسرقوا؟ توّه تلّكمتوا"!!؟ مؤكدا قوله بإشارة من يده قبل أن ينهي حديثه لمخاطبيه "فهمتكم"؟
هذا الكلام صدر عن السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة. فهل يجوزمثل هذا القول في مثل ذاك المقام ؟ وأنا بدوري أسأل السيد قائد السبسي : وأين كنت أنت وأعضاء حكومتك الموقرة قبل أن تقذف بكم رياح الثورة ودماء الشهداء إلى مواقعكم حيث أنتم ؟ "شبيكم ما تكلّمتوش قبل وقت اللّي كانوا يدمّروا في البلاد وينهبوا فيها؟ توّه تكلّمتوا!؟".
لقد قبلنا هذه الحكومة المؤقتة بكل عللها تقديرا منّا لمصلحة البلاد ولحاجتها للاستقرار وإعداد الانتخابات المصيرية التي ينتظرها التونسيون جميعا وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس. وعلى أهل هذه الحكومة أن يعرفوا حق قدرهم.
قديما قالوا "عاش من عرف قدره".

زياد الهاني


افتتاحية جريدة "الصحافة" ليوم الأربعاء 16 مارس 2011