بعد ما يزيد عن نصف قرن من البحث والاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز من قبل الشركات البترولية العالمية، انطلقت فعاليات أشغال الندوة الثانية حول استكشاف وإنتاج المحروقات بداية من 11 إلى غاية 16 أكتوبر 2010 والتي افتتحها كاتب الدولة للطاقات المتجدّدة والصناعات الغذائية الذي اكتفى بالقول إنّ الاستثمارات في استكشاف وتطوير المحروقات تضاعفت أربع مرّات لتبلغ 1.6 مليار دولار في سنة 2010 مقابل 370 مليون دولار سنة 2005، في حين يتوقع الأخصائيون في مجال النفط مشروع إعادة النظر في السياسة البترولية التي اعتمدتها الدولة منذ بداية الاستقلال. وفي هذا السياق ارتأينا أن نبيّن من خلال خريطة المجال المنجمي البترولي أنّ ما يقارب 85% من مساحة البلاد التونسية مغطاة برخص البحث والاستكشاف والامتياز تحت سيطرة الشركات البترولية الأجنبية وغياب سلطة الإشراف( وزارة المناجم والنفط والطاقة !). وهنا نطرح الأسئلة التالية: لماذا لا تتولى مؤسسة بترولية وطنية إدارة الثروات واستثمارها للمصلحة الوطنية؟ أليس استغلال الثروات البترولية أساسا من أسس السيادة الوطنية؟ فلماذا لا تقوم الدّولة ببلورة سياسة بترولية وطنية في الوقت الذي تستغل فيه الشركات البترولية العابرة للقارات الثروات الوطنية وتمتص أسباب النمو الاقتصادي وتساهم في عدم التوازن الجهوي؟ !
وعلى هامش افتتاح هذه الندوة تحدث رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية" إيتاب" بإطناب عن إنجاز مشروع الغاز بالجنوب التونسي الذي أطلق عليه اسم "STGP" والذي ستبلغ كلفته 1.5 مليار دولار لمدّة لا تقل عن 25 سنة ابتداء من2014، وستتوزع عملية تنفيذ المشروع على كل من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ETAP والشركة الإيطالية إيني ENI والشركة النمساوية OMV والشركة الأمريكية بيونير PIONEER وذلك بدون أدنى إشارة إلى نسب المشاركة؟ !وعن مكونات المشروع أضاف أن عمليات الإنجاز ستتمثل في إحداث محطة بطاقة استيعاب تتراوح بين 4 و8 ملايين متر مكعب من الغاز في اليوم وأنبوب يمتد من الصحراء حتى منطقة قابس ويبلغ طوله 320 كم مع تركيز محطة لمعالجة الغاز. ومن الأهمية بمكان أن نتساءل: لماذا لم يتم إدراج هذا المشروع ضمن إستراتيجية صناعية تنموية؟
ولا ندري إلى الآن هل أصبحت تونس بلدا مصدرا للغاز وذلك حسب زعم رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية الذي صرّح:" إنّ المرحلة المقبلة ستكون هامة خاصة على مستوى تكثيف البحث عن الغاز باعتبار أنّ هذه المادة ستأخذ شوطا كبيرا في السوق العالمية وتأكد ذلك خلال المؤتمر العالمي للطاقة الذي انعقد في 11 سبتمبر بمنطقة مونتريال الكندية حيث أفاد عدد من المتدخلين أن" الهيمنة مستقبلا ستكون للغاز". وعلى الصعيد الوطني إن المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أطلقت دراسة حول مستقبل الغاز في تونس.
كما أفاد أيضا أنه تمّ إعداد 9 مناطق بحث واستكشاف غير مستغلة في مياه الشمال وهي جاهزة ومفتوحة لمختلف الشركات البترولية الأجنبية مضيفا:" إن عدد الرخص في تزايد من سنة إلى أخرى، خاصة أمام ارتفاع الطلب".
وتحدث رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية باقتضاب شديد فيما يتعلق برخصتي البحث والاستكشاف بمنطقة الكاف، فأفاد بأنّ شركتي أويل سيرش "Oil Search و وبريم أويل "Prim Oil " تجريان تجارب جيوفيزيائية لرصد معلومات حول توفر النفط في هذه المنطقة دون أن يتعرض إلى الخلافات بين شركاء شركة بريم أويل " Prim Oil" التي يساهم في رأسمالها تونسيون وفرنسيون وانعكاساتها على مواصلة عمليات البحث والاستكشاف. كما أشار إلى أنه وفقا لما تناول المجلس الوزاري الذي انعقد بتاريخ 3 نوفمبر 2006 والذي أعطى الإذن من خلاله للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية حتى تخوض تجربة مخاطر الاستكشاف حيث تم إمضاء اتفاقية بينها وبين شركة "سونا طراك" الجزائرية ستنطلق مع موفى شهر أكتوبر. وفي هذا الصدد نتساءل أيضا: لماذا لم يرتق التعاون مع الجزائر ممثلة في هذه الشركة العتيدة العريقة إلى مستوى الشراكة الفعلية المفيدة للطرفين والمدعّمة لمساعي بناء المغرب العربي؟!
إنّ الدولة مدعوّة إلى المسك بزمام القطاع المنجمي والبترولي وبخاصة التعاطي السليم في إسناد السندات المنجمية وتقليص دور الشركات الأجنبية والتعرف على استراتيجياتها أثناء التفاوض و ذلك قبل إمضاء العقود البترولية وسنّ القوانين اللازمة في الغرض على غرار القانون الذي سنّته الجزائر مؤخرا، والانضمام إلى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للنفط"OPAEP" ولا سيما منظمة الدول الإفريقية "OPA "...
الأزهـــــــــــر السمعلــــي
خبير في المناجم وشؤون النفط
صحيفة "مواطنون"، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 138بتاريخ نوفمبر 2010
المصدر: "تونسنيوز" العدد 3829 بتاريخ 16 نوفمبر 2010
وعلى هامش افتتاح هذه الندوة تحدث رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية" إيتاب" بإطناب عن إنجاز مشروع الغاز بالجنوب التونسي الذي أطلق عليه اسم "STGP" والذي ستبلغ كلفته 1.5 مليار دولار لمدّة لا تقل عن 25 سنة ابتداء من2014، وستتوزع عملية تنفيذ المشروع على كل من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ETAP والشركة الإيطالية إيني ENI والشركة النمساوية OMV والشركة الأمريكية بيونير PIONEER وذلك بدون أدنى إشارة إلى نسب المشاركة؟ !وعن مكونات المشروع أضاف أن عمليات الإنجاز ستتمثل في إحداث محطة بطاقة استيعاب تتراوح بين 4 و8 ملايين متر مكعب من الغاز في اليوم وأنبوب يمتد من الصحراء حتى منطقة قابس ويبلغ طوله 320 كم مع تركيز محطة لمعالجة الغاز. ومن الأهمية بمكان أن نتساءل: لماذا لم يتم إدراج هذا المشروع ضمن إستراتيجية صناعية تنموية؟
ولا ندري إلى الآن هل أصبحت تونس بلدا مصدرا للغاز وذلك حسب زعم رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية الذي صرّح:" إنّ المرحلة المقبلة ستكون هامة خاصة على مستوى تكثيف البحث عن الغاز باعتبار أنّ هذه المادة ستأخذ شوطا كبيرا في السوق العالمية وتأكد ذلك خلال المؤتمر العالمي للطاقة الذي انعقد في 11 سبتمبر بمنطقة مونتريال الكندية حيث أفاد عدد من المتدخلين أن" الهيمنة مستقبلا ستكون للغاز". وعلى الصعيد الوطني إن المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أطلقت دراسة حول مستقبل الغاز في تونس.
كما أفاد أيضا أنه تمّ إعداد 9 مناطق بحث واستكشاف غير مستغلة في مياه الشمال وهي جاهزة ومفتوحة لمختلف الشركات البترولية الأجنبية مضيفا:" إن عدد الرخص في تزايد من سنة إلى أخرى، خاصة أمام ارتفاع الطلب".
وتحدث رئيس مدير عام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية باقتضاب شديد فيما يتعلق برخصتي البحث والاستكشاف بمنطقة الكاف، فأفاد بأنّ شركتي أويل سيرش "Oil Search و وبريم أويل "Prim Oil " تجريان تجارب جيوفيزيائية لرصد معلومات حول توفر النفط في هذه المنطقة دون أن يتعرض إلى الخلافات بين شركاء شركة بريم أويل " Prim Oil" التي يساهم في رأسمالها تونسيون وفرنسيون وانعكاساتها على مواصلة عمليات البحث والاستكشاف. كما أشار إلى أنه وفقا لما تناول المجلس الوزاري الذي انعقد بتاريخ 3 نوفمبر 2006 والذي أعطى الإذن من خلاله للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية حتى تخوض تجربة مخاطر الاستكشاف حيث تم إمضاء اتفاقية بينها وبين شركة "سونا طراك" الجزائرية ستنطلق مع موفى شهر أكتوبر. وفي هذا الصدد نتساءل أيضا: لماذا لم يرتق التعاون مع الجزائر ممثلة في هذه الشركة العتيدة العريقة إلى مستوى الشراكة الفعلية المفيدة للطرفين والمدعّمة لمساعي بناء المغرب العربي؟!
إنّ الدولة مدعوّة إلى المسك بزمام القطاع المنجمي والبترولي وبخاصة التعاطي السليم في إسناد السندات المنجمية وتقليص دور الشركات الأجنبية والتعرف على استراتيجياتها أثناء التفاوض و ذلك قبل إمضاء العقود البترولية وسنّ القوانين اللازمة في الغرض على غرار القانون الذي سنّته الجزائر مؤخرا، والانضمام إلى منظمة الأقطار العربية المصدّرة للنفط"OPAEP" ولا سيما منظمة الدول الإفريقية "OPA "...
الأزهـــــــــــر السمعلــــي
خبير في المناجم وشؤون النفط
صحيفة "مواطنون"، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 138بتاريخ نوفمبر 2010
المصدر: "تونسنيوز" العدد 3829 بتاريخ 16 نوفمبر 2010