رأي
بعد «النساء الديمقراطيات» والصحافيين
آن للرابطة أن تنعم بعقد مؤتمرها...!؟
بقلم: مراد علاّلة
ظهر الحق، وزهق الباطل. سقط بن علي ووزراءه ومستشاروه الذين «غلّطوه» بحق الوطن والوطنيين... اللهم لا شماتة. عمر الوطن أطول من جلاديه. عمر الوطنيين أيضا أهم وأنقى وأجدى للوطن من الجلادين والمستبدين والفاسدين...
لقد تنفست تونس الصعداء يوم 14 جانفي 2011 بقطع النظر عن مسار الثورة اليوم وإشكالاته.
تنفست جميع الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية والقطاعات المهنية. انزاحت الكربة أمام الأحزاب السياسية والراغبين في العمل السياسي. انفرجت أوضاع تنظيمات المجتمع المدني وانقشعت الغيوم المتلبدة في سماء الجمعيات والمنظمات غير الحكومية والحكومية و«غير الحكومية الحكومية» (ONGOG) على حد السواء...
وانبرت في هذا العهد الجديد الكثير من الأحزاب الناشئة لعقد مؤتمراتها التأسيسية مثلما عقدت أخرى مؤتمرات «تصحيحية» وترتيبية...
أما بخصوص المجتمع المدني وبقية الفاعلين الاجتماعيين، فقد أعلنت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل جديتها في عقد مؤتمر المنظمة في موعده سنة 2012 دون المس بالفصل العاشر، فصل عدم التمديد للقيادة الراهنة...
كما انتفض منظورو اتحاد «الأعراف» واتحاد «الفلاحين» و«المرأة» و«المكفوفين» و«المستهلكين» وحتى «أمهات تونس»...
وسمحت نسائم الحرية بتأسيس عشرات الجمعيات الجديدة على أيدي وافدين جدد على ما يسمى بمجال النشاط الأهلي وكذلك على أيدي قيادات خرجت من عباءة الجمعيات القديمة دون ان تظفر بفرصة «الزعامة» فيها تماما كما حصل في الكثير من الأحزاب...
وانسحب الحراك أيضا على القضاة، فأسسوا الى جانب جمعيتهم، نقابة وأسس الأمن نقابة أيضا. واكتفى المحامون بمؤتمر «لشبابهم» وأوفى الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية والنساء الديمقراطيات لتقاليدهما في عقد المؤتمرات الدورية. ونفس الشيء فعله الصحافيون الذين خرجوا من حاجز «الشرعية» و«الانقلاب» ومعادلات الاقلية والاغلبية وانجزوا مؤتمرا «ديمقراطيا» اخر ينضاف الى رصيدهم الثري علما وانه لا احد كان ليجبر قيادة النقابة الوطنية للصحافيين قبل 5 جوان على عدم تمديد وتأبيد «شرعيتها ومشروعيتها» بالبقاء على رأس الهيكل المهني لعموم الصحافيين الى ما بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وانتظار نتائجه وتداعياته..
هي سنّة التداول و«التجاوز» التي حفزت البعض خلال مؤتمر النقابة لرفع البعض على الاعناق «انتصارا لحرية الصحافة وكرامة الصحافيين»!...
وهي شروط الثورة ربما ومتطلباتها بعيدا عن شماعات ونزاعات التحديات الموضوعية والخارجية...
هي سنّة لن تقفز عليها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أعرق المنظمات في افريقيا والعالم العربي.
لقد تضاعفت في تقديرنا مهام الرابطة بعد الثورة ومن المفروض ان يتحول اهتمامها وجهدها من «نضال من أجل الوجود» ومن اجل مجابهة محاولات التصفية من قبل النظام الدكتاتوري الى منظمة جماهيرية، علنية متجذرة في ربوع الوطن ، منفتحة على كل الطاقات الخلاقة فيه، ترصد الانتهاكات والتجاوزات وتتدخل لمعالجة الاخلالات، تربي على حقوق الانسان وتثقف العامة على قيمها ومبادئها السامية، تقيّم القوانين القديمة والجديدة، تقترح نصوصا متلائمة مع المعايير الدولية وتراقب تنفيذ تعهدات بلادنا في هذا الباب...
انها مهام واسعة ودقيقة تستوجب الكثير من الموارد البشرية والمادية.
وللأسف، تحول حالة الاستثناء التي عاشتها الرابطة التونسية عن حقوق الانسان وفروعها على امتداد عقد من الزمن (مؤتمر 2000 الى اليوم) دون الاضطلاع بهذه المهام على الوجه الأكمل، أضف الى ذلك، اختيار عدد من «القادة»، العمل السياسي العلني وحتى تأسيس الأحزاب أو الانضمام اليها، وهو اختيار جريء وصائب وشجاع ومسؤول يميز بين العمل الجمعياتي والعمل السياسي.. كما أن بعض القادة اختاروا التحليل «الأكاديمي» و «السياسي» و «الإعلامي» وهي للحقيقة أيضا مهام ضرورية و مطلوبة بعد الثورة...
لكل ما تقدم، نشدّ على أيدي الاستاذ مختار الطريفي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، كما عهدنا هو، لنعلن أنه آن الأوان لعقد المؤتمر الوطني السادس لمنظمتنا العريقة، بعبق الثورة وأريج انتصارها ووصايا شهدائها قطعا مع الاستبداد والظلم والقهر والانتهاكات بشتى أشكالها وأرهاط مرتكبيها مهما كانت مواقعهم واحتراما لسنن التداول.
جريدة الصحافة 8 جوان 2011
صفحة 3