samedi 27 février 2010

من عليائه : محمد قلبي يلقي نظرة على الاحتفال باليوم الوطني للثقافة



استلقى محمد قلبي على ظهره متمنيا لو ظل في عمره بقية حتى يشعل سيجارة يسحب منها نفسا عميقا، يطفئ به حرقة صدره.
ليس لأن للأرواح ظهرا تستند عليه خاصة عندما يتعلق الأمر بصحفي من أولئك الصحفيين الذين لم يحظوا بظهر في قائم حياتهم، أو لأن لها صدرا يشعرها بالحرقة وهو موطن القلب بأحاسيسه والرئة التي تغذي مكاتب العقل في الدماغ بالأكسجين الموقد للحياة. بل لأنه قد خيّــل له ذلك أو يكاد، فكان كمن تمنى لو يندب وجهه من فرط إعجابه بالحفل المهيب!؟

لأول مرة حضر محمد قلبي الاجتماع الاحتفالي الضخم الذي انعقد بمناسبة اليوم الوطني للثقافة في القيروان عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
حضره دون استدعاء ورغم الداء وسابق الأعداء الذين وضعوا بينه وبين نيل جائزة الهادي العبيدي الحواجز والمتاريس.
مرّ بين الحراسات الأمنية هازئا بضعفها أمام قوة الواحد القهار. وتفرس في وجوه عرفاء الحفل الذين لم يدخروا جهدا في ما مضى لإقصائه، وهم يتنقلون كالطواويس في فضاء قدمته الجموع من كل حدب وصوب خشية تسجيل تخلفها عن الموعد.

لم يكن محمد قلبي بحاجة لكرسي يجلس عليه فوجوده كان يغطي الفضاء كله. ولم يكن بحاجة لانتظار نتائج التكريم والتوسيم فالأوراق كلها كانت مكشوفة أمامه.
ابتسم قلبي وهو يطالع قائمة المحظيين بشرف التوسيم!؟ فالأوسمة الوطنية زادت قيمتها وعلا شأنها بعد أن نال كبير رجال الأعمال الوطنيين بلحسن الطرابلسي أحد أرفعها، تكريما له على الامبراطورية الاقتصادية والإعلامية التي بناها بـ"عبقريته الفذة" بعد عام 1992!؟

وعاود الابتسام عندما رأى أن لجائزة الهادي العبيدي للصحافة المكتوبة فارسها الأوحد بوبكر الصغير، وهو ما يعكس بجلاء أي مستوى أصبح عليه إعلامنا الوطني!؟ تنهد قلبي على هذه الجائزة التي لم يكن يملك الإمكانات التي تخوله نيلها. لكنه سرعان ما تراجع ليكتفي بنشوة تكريم زملاء المهنة له في جمعية الصحفيين التونسيين في ظل رئاسة الزميل الرئيس فوزي بوزيان. فذلك هو التكريم الحقيقي الذي سيخلده سفر الصحافة التونسية.

جال محمد قلبي بين الحاضرين مستمعا إلى تعليقاتهم اللاذعة على التتويج والمتوجين، وعلى واقعنا الثقافي والإعلامي المؤلم. كل ذلك وهم يصفقون احتفاء كلما دعي أحد المتوجين للمنصة حتى يحظى بالتكريم.

ارتاح محمد قلبي لوجود الأستاذ منجي الشملي، وبحث بين الحضور عن شاعري القيروان حسين القهواجي ومنصف الوهايبي وعن محمد الطالبي وهشام جعيط وعياض بن عاشور والبشير رجب وعن شباب الصحفيين المتألقين لتحيتهم فلم يجدهم. بحث عن عبد العزيز الجريدي وزينة القصرينية وسمير الوصيف ولطفي جرمانة وغيرهم من رموز الشأن الإعلامي والثقافي في العهد الجديد، لكنه انتبه إلى اقترابه أكثر من اللازم من المنصة، ففضل العودة على أعقابه خشية أن يحصل له مكروه!؟

ولم يفته وهو يغادر القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية أن يهمس في أذن سيدها الوهايبي وحيًــا، قد يتجسد في قادم الأيام قصيدة؟

زياد الهاني