lundi 22 février 2010

قضية الفساد في دار "لابريس" : دعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة وتتبّــع المفسدين




أصدر منصور مهني رئيس مدير عام مؤسسة "لابريس" قرارا بتعيين رئيس جديد لمصلحة مبيعات الجرائد والتوزيع التي كانت خلال الأيام الأخيرة في قلب قضية فساد هزت المؤسسة.
القرار نصص كذلك على أن يتم نقل المهام تحت إشراف مدير التدقيق الداخلي بالمؤسسة، وهو ما يؤشر إلى أن عملية نقل المسؤولية لن تكون مجرد إجراء شكلي؟

بعض الملاحظين رأوا في قرار الرئيس المدير العام خطوة تمهيدية ستعقبها خطوات أخرى بعد تقديم المدقق الداخلي تقريره وتحديد المسؤوليات وحصر التجاوزات التي توجد وثائق مؤكدة على حصولها. خاصة وأنه هو نفسه الذي فاتح النقابة الأساسية للمؤسسة في موضوع الفساد وقدم لأعضاء هيئتها تفاصيل حولها، مما دفعهم إلى توجيه مراسلة إليه طالبين فيها كشف شبكة الفساد وتتبع المفسدين.

لكن متابعين آخرين يخشون من أن تكون العملية مجرد ذر رماد على الأعين وتقديم كبش فداء للتغطية على الفاسدين الحقيقيين والأطراف التي تسندهم داخل المؤسسة وخارجها. خاصة وأن رئيس المصلحة المطاح به هو الذي بادر بتنظيم مصلحة
مبيعات الجرائد والتوزيع منذ استلامه لها في 2004، وبعث مجموعة من الوثائق المحاسبية التي وضعت حدا لحالة التسيب التي كانت سائدة قبل تسلمه لمهامه.

كما أن تعمد الإدارة توجيه استجواب للمسؤول السابق المشار إليه بسبب استقباله لأحد صحفيي المؤسسة يوم الجمعة 19 فيفري 2010 يؤكد سعيها لمحاصرة الموضوع ويوحي بأن لها ما تخفيه!؟ والغريب في الأمر أن هذا التصرف جاء في وقت تتحدث فيه كل مراكز القرار في الدولة عن ضرورة فتح مصادر الخبر أمام الصحفيين. فما بالكم عندما يتعلق الأمر بصحفي من داخل نفس المؤسسة!؟

وقد تعالت الأصوات داخل جريدتي "الصحافة" و"لابريس" للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق تتكون من ممثلين عن الإدارة والنقابة والصحفيين، مع اعتماد مدقق خارجي للوقوف على حقيقة الأمر في إطار الشفافية الكاملة. وذلك لضمان عدم وأد ملف شبكة الفساد التي تنهب أموال المؤسسة في ظل حصانة كاملة بسبب الحماية التي يحظى بها الفاعلون فيها. وتؤكد بعض المصادر أن الرئيس المدير العام الأسبق المرحوم محمد محفوظ أحال على القضاء ملف اختلاس لأموال المؤسسة. لكن القضية تم حفظها في درج النسيان إثر تدخل مسؤول كبير في الدولة؟

ويشير بعض المطلعين إلى أن الورق المستعمل والصحف الراجعة غير المباعة يشكلان مصدر دخل هام تتمعش منه شبكة الفساد بما لها من امتدادات وتفرعات. ويتساءلون عن سبب سحب أضعاف كمية الأعداد المباعة من جريدتي دار "لابريس" ليكون مصير الكميات الضخمة الراجعة منها البيع بالميزان؟ فرزمة الصحف التي تضم 150 جريدة ويفترض بيعها للموزع بسعر جملي قدره 60 دينارا، يتم بيعها للمستلزم عند إرجاعها غير مباعة بسعر دينارين فقط!!؟ وهو ما يشكل خسارة بملايين الدنانير للمؤسسة تذهب إلى جيب شبكة الفساد.

ولم تفعل الإدارات المتعاقبة على "لابريس" شيئا يذكر للتصدي لملف الفساد الحارق الذي ينخر المؤسسة ويهدد بإفلاسها ومن ثم التفريط فيها. لذلك يتمسك العاملون في دار "لابريس" من مختلف مواقعهم بضرورة فتح تحقيق جدي ومحايد وشفاف يكشف المفسدين ويضع حدّا لإفسادهم. فتحديد المسؤوليات وحده هو الذي ينقذ المؤسسة من الخراب ويحفظ حقوق العاملين فيها وسمعة المسؤولين نظيفي اليد من أبنائها مما يمكن أن يلحقهم من تشويه، في ظل تواصل الوضع الضبابي الحالي وتواصل تبادل الاتهامات.

فهل سيفتح الرئيس المدير العام الحالي التحقيق المطلوب، ويجد الوقت اللازم لعقد اجتماع إخباري بمستخدمي "دار لابريس" لإطلاعهم على آخر التطورات في المؤسسة التي تعيلهم هم وأسرهم؟ أم أن مشغولياته وأنشطته الحزبية (التي يتابعها كبارالمبعوثين الخاصين وتفوق المساحة المخصصة لتغطيتها والإشادة بها في جريدة الدولة تلك المخصصة لرئيس الدولة نفسه)، تمنعه من ذلك!؟

زياد الهاني