lundi 22 février 2010

زياد الهاني في"الطريق الجديد": الاحتكام للصحفيين خلال مؤتمر موحّد هو السبيل الوحيد لإخراج النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من أزمتها



زياد الهاني عُضو المكتب الشرعي للنقابة الوطنيّة للصّحفيين:


الاحتكام للصحفيين خلال مؤتمر موحّـد هو السبيل الوحيد لإخراج النقابة الوطنية للصحفيين من أزمتها

* إمكانية تشكيل لجنة تحضيرية لإعداد عقد الـمؤتمر خلال الثلاثية الأخيرة من 2010

في انتظار أن يحسم القضاء في الدعوى المرفوعة من طرف المكتب الشرعي للنقابة الوطنيّة للصّحفيين التونسيين لإبطال مؤتمر 15 أوت المطعون في شرعيّته، وفي الوقت الذي تُشدّ فيه الأنظار للاجتماع المرتقب الذي تعتزم عقده اللجنة التنفيذيّة للاتحاد لدولي للصحفيين في شهر مارس القادم لتحديد موقفها من "نزاع الشرعيّة" بين مكتبي النقابة الوطنيّة الصّحفيين التونسيين (المكتب"الشرعي" والمكتب الذي أفرزه مؤتمر 15 أوت 2009)، تُثار منذ فترة عديد الدّعوات والمبادرات من أجل عقد مُوتمر موحّد ينهي حالة الازدواجيّة الهيكليّة التي تشهدها نقابة الصحافيين في تونس ويتجاوز حالة التصدّع بين أبناء المهنة التي خلفتها التطوّرات العاصفة الأخيرة، كما سعت بالتوازي مع ذلك بعض المنظّمات الدوليّة والإقليمية إلى تقريب وجهات النّظر بين قيادتي النقابة.

زياد الهاني عُضو المكتب التنفيذي الشرعي للنّقابة تحدّث للطّريق الجديد عن موقفه من المبادرات الدّاعية إلى المؤتمر الموحّد وتصوّره للآليات التي سيُعقد من خلالها المؤتمر ومُستقبل عمل المكتب الشرعي في صورة رفض الطرف المُقابل لمبادرات الوحدة:


الطريق الجديد: ما هو تشخيصك للحالة الراهنة التي تمرّ بها النقابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين والقطاع عموما؟ وعمّا استندت الدعوات التي أطلقت مؤخّرا لعقد مؤتمر موحّد للنقابة؟

زياد الهاني: الواضح أنّ هناك أزمة عميقة تشقّ النقابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين وتخلق حالة من التصدّع والفرقة بين أبناء المهنة، وهناك تنازع حول شرعيّة تمثيل النقابة بين مكتبين: مكتب مُتمسك بتحمّل مسؤوليّته في انجاز مُؤتمر استثنائي في إطار احترام قانون ونُظم النّقابة بعد الأزمة الأخيرة، ومكتب أنتجه مؤتمر آحادي مطعون في قانونيّته أمام القضاء الذي سوف يبت في الموضوع مجددا يوم 1 مارس في جلسة مرافعة.

وهناك إجماع بين عموم الصّحفيين على ضرورة تجاوز هذا المأزق والحفاظ على وحدة النقابة واستقلاليتها، من خلال عقد مؤتمر مُوحّد. وقد تجسّدت هذه الإرادة في مُبادرة أطلقها مجموعة من الزّملاء لهذا الغرض، وهو نفس المطلب الذي تنادي به أطراف مهنيّة دولية وإقليمية.

فقد سبق وأن قرر اتّحاد الصّحافيين العرب خلال الاجتماع الأخير لمكتبه الدائم في القاهرة إيفاد بعثة إلى تونس لمحاولة تقريب وجهات النّظر والاتّفاق على موعد لعقد مُؤتمر موحّد. وهو نفس الموقف الذي يتبناه الاتّحاد الدولي لصّحفيين الذي يدعم القيادة الشرعيّة في مساعيها لتنظيم هذا المؤتمر الذي يجب أن يكون ديمُقراطيا وشفّـافا.


ط-ج: ما الذي يدعم موقفهم من الناحية القانونيّة في مساندة الدعوات المٌطالبة بمؤتمر موحّد وما هي الآليات التي سوف يتمّ بمُقتضاه عقد المؤتمر؟

- المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة سبق وأن قام في إطار الاحترام الكامل للقانون الأساسي ولنظامها الداخلي بتحديد موعد لعقد مؤتمر استثنائي يوم 12 سبتمبر 2009 لوضع حد للأزمة وانتخاب قيادة جديدة تستمد شرعيتها من عموم الصحفيين. لكنّ هذا الموعد تمّ إجهاضه من قبل الذين كانوا يسعون للاستيلاء على النقابة وإلحاقها بركب المُنظّمات التابعة للتّجمع الدستوري الديمُقراطي، ممّا دفعهم إلى عقد مؤتمر آحاديّ استباقي يوم 15 أوت 2009 .

و بالإضافة إلى ذلك كان المؤتمر الأوّل للنقابة المنعقد يوم 13 جانفي 2008 قد صادق على عدّة قرارات من ضمنها قرار بعقد المؤتمر الثاني للنّقابة خلال الثلاثيّة الأخيرة من سنة 2010 ليكون المؤتمر الرابع والعشرين للمهنة. لكن ونظرا لأنّ القانون الأساسي ينصّ على أنّه لا يُمكن عقد المؤتمر الاستثنائي في كلّ الأحوال خلال الستّة أشهر السابقة لموعد المؤتمر العادي، وبذلك يصبح من الناحية العملية عقد هذا المؤتمر الاستثنائي خلال ما تبقى من المدّة التي تفصلنا عن موعد انعقاد المؤتمر العادي للنقابة غير ممكن.

لذلك قد يكون من الضروري عقد المؤتمر الموحّد خلال الثلاثية الأخيرة من سنة 2010، والذي سيتمّ من خلاله الاحتكام لإرادة الصّحفيين حتى يقولون كلمتهم الفصل وينتخبون قيادتهم الجديدة. وعلى الجميع أن يحترم خيارهم وينصاع لقرارهم مهما كان. فهم مصدر الشرعية، ولا صوت يعلو فوق صوتهم.


ط-ج: لكنّ هناك إشكالات تفصيليّة هامة يمكن أن تواجه مساعي عقد المؤتمر الموحّد كمسألة الإشراف عن المؤتمر وتسييره، فهل تمتلكون تصوّرا جاهزا لتجاوز هذه الإشكالات؟

- يُمكن تجاوز كلّ الإشكالات التي يمكن أن تعيق عقد المؤتمر الموحّد خاصة فيما يتعلّق بالنقاش حول الشرعيّات بتشكيل لجنة لإعداد المؤتمر، يكون طرفا النزاع ممثلان فيها، على أن يتمّ ترحيل الجدل في النقاط الخلافيّة مثل مسألة الانخراطات وهي بالمناسبة محدودة خلافا لما تم الترويج له، إلى المؤتمر ليكون الصّحفيون هم من يفصل فيها.

علما بأنّ طرفي الخلاف جميعهم صحفيّون ونحن لا نرفض وجود الخلاف بين أهل المهنة الذي يبقى علامة صحيّة وحيويّة، ولكنّنا نرفض تدخّل غير الصّحفيين في الخلافات التي يمكن أن تنشأ بين أهل المهنة الواحدة والمصير الواحد.

ط-ج: هناك من يقرأ مساندتكم لعقد مؤتمر موحد على أنّها تنازل عن صفة الشرعيّة وإقرار ضمني بنتائج مؤتمر 15 أوت؟

- نحن لسنا طلاّب مواقع، بل مناضلون من أجل لدفاع عن قضايا المهنة. لذلك فانّ الاحتكام إلى الصّحفيين يعزز شرعيتنا وهو مطلبنا الأساسي، لأنّ الصحفيين هم مصدر الشرعيّة وهم أصحاب القرار. والذين لا يملكون حظوظا في صفوف الصحفيين هم وحدهم من يرفض الاحتكام للقاعدة الصحفية خشية منهم من فقد المواقع التي استولوا عليها بشكل غير شرعي.

ط-ج: هناك مؤشّرات كثيرة تدلّ على أنّ الطرف المُنازع لكم قد لا يقبل بعقد مؤتمر موحّد ويصرّ على إكمال نيابته على رأس النقابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين؟

- الثّابت أن القطاع اليوم يشهد إعادة تشكيل على مستوى الهياكل والبنى، يجب أن لا نغيب عن المساهمة في صياغته. كما يعاني القطاع من عديد المشاكل ويشهد انتهاكات صارخة لحقوق الصّحفيين في جميع مواقع عملهم، خاصة الشبّان منهم، الذين يعمل أغلبهم في شبه وضعيّة استرقاق. وهو ما يتطلب من الجميع الارتقاء بوعيهم إلى جسامة اللحظة، وما تفرضه عليهم من التزامات ورهانات. ونحن نعقد أملنا على أن تتغلب الحكمة ولغة العقل على المصالح الذّاتيّة والارتهانات السياسيّة.

إلا أنّنا سنكون مضطريّن في صورة عدم التوفّق إلى عقد المؤتمر المُوحّد والعودة إلى شرعيّة الصّحفيين، لمواصلة نضالنا في الدّفاع عن استقلاليّة النقابة وعن مصالح الصحفيين والانتصار للقانون.

وقد أثبتنا مع جموع الصّحفيين الذين خاضوا معركة استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، القدرة على التصدي والمُواجهة في ظروف كانت أصعب بكثير مما هو عليه الوضع اليوم، وأننا الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه. ونحن واثقون أنّ الانتصار سيكون في نهاية المطاف للشرعيّة ولإرادة الصّحفيين في أن تكون لهم نقابة مهنيّة مستقلة.

حاوره : توفيق العياشي

الطريق الجديد – العدد 168 من 20 إلى 26 فيفري 2010