jeudi 29 mars 2012

دستور الوفاق والوحدة الوطنية

دستور الوفاق والوحدة الوطنية

الدستور عقد اجتماعي ينظم أسس الحياة العامة وقواعد العيش المشترك لذلك لا يمكنه أن يكون نتاج غلبة راجعة الى رجحان كفة على حساب أخرى بل الى توافق يرتكز على الأدنى المشترك المتفق عليه الذي لا يمكنه أن يتغير بتغير موازين القوى.

ومن هذا المنطلق يعتبر قرار حركة النهضة بالتمسك بالفصل الأول من دستور سنة 1959 الذي نص على ان : «تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الاسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها» واستبعاد اعتماد مرجعية الشريعة في النص الدستوري، انتصارا لخيار التوافق المبني على البحث على القواسم المشتركة مع باقي الأطراف بدل محاججتها بمنطق الغلبة وتحريك الشارع.
فالإسلام هو القاسم المشترك بين التونسيين جميعا خلافا للشريعة التي لا تعني الكتاب والسنة وحدهما بل وكذلك مختلف الاجتهادات المتفرعة عنهما بقطع النظر عن مدى صوابها بما هو موضوع جدل وخلاف بين الفقهاء أنفسهم. ولا يخفى على متابع ان تطبيق الشريعة لم يكن هو نفسه في مختلف الانظمة التي تبنته سواء تعلق الأمر بالسعودية أو أفغانستان أو السودان او غيرها.

هل من علاقة بين قرار النهضة الالتزام بالفصل الأول من دستور 1959 وبين عدم قدرتها تجميع ثلثي اصوات نواب المجلس الوطني التأسيسي حيث لم يناصر الدعوة الى اعتماد الشريعة من خارج صفوفها سوى نواب العريضة الشعبية ونائب يتيم للاتحاد الوطني الحر ؟

هل من علاقة بين توقيت إعلان النهضة عن قرارها ووقفها لحالة التجاذب الذي قارب على تقسيم البلاد وبين التجمع الضخم الذي انتظم في مدينة المنستير تحت المظلة البورقيبية ؟

أيّا كان الجواب لا يمكننا ان نغفل ان عددا من قادة النهضة اعلنوا من قبل التزامهم بتغليب التوافق حول الفصل الاول من دستور 1959 سواء بالتصريح المباشر مثلما حصل من وزير العدل نورالدين البحيري او التلميح الواضح الذي يرقى الى درجة التصريح مثلما جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة حمادي الجبالي بمناسبة الاحتفاء بذكرى الاستقلال.

لكن ماذا عن الجموع التي انتشت لخطاب الشريعة وخرجت للشوارع هاتفة بها ومكفرة من خالفها، ومن الفاعلين فيها، من يتجرأ على تحدي سلطة الدولة ؟

لذلك فقرار حركة النهضة هام، لكن الاهم منه هو المرور دون تأخير للمصادقة على الفصل الاول من دستور الثورة وغلق باب الجدل حوله نهائيا، فما ينتظرنا من المهام المتبقية جسيم ولم يعد يحتمل البت فيه التأجيل.

زياد الهاني




افتتاحية جريدة "الصحافة" ليوم الخميس 29 مارس 2012