mardi 13 mars 2012

رفعة الوطن.. من هيبة الدولة

الافتتاحيّة

رفعة الوطن.. من هيبة الدولة

إقدام شاب متهور على إنزال علم تونس من فوق بناية كلية الآداب بمنوبة لتعويضه براية سوداء حتى وإن حملت عبارة الشهادتين المحفورتين في عقل ووجدان كل تونسي لا يقل خطورة ونيلا من عزة بلادنا وشرف ثورتها عن إقدام السفير السابق لتونس في المملكة العربية السعودية على تقبيل يد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بحضور رئيس الحكومة حمادي الجبالي ومستشاره السياسي لطفي زيتون والفريق أول رشيد عمار حامي الثورة وقائد أركان الجيوش.

التونسي مجبول بطبعه على الأنفة وعزة النفس والحس المرهف تجاه كل ما من شأنه أن يمس من كرامته، ولم تأت الثورة إلا لتعزيز هذه الفضائل وتقوية هذا الحس النبيل. وثورة لا تحفظ للعلم شموخه وللتونسي اعتزازه وكبرياءه لا خير فيها. وكذلك لا خير فيها إن لم تتوفق إلى إنزال الجزاء الرادع في كل من تسول له نفسه الجاهلة أو الذليلة المس من اعتبار العلم أو من كرامة التونسيين.

مسؤولية أهل الحكم اليوم جسيمة في الدفاع عن قيم الثورة وفي مقدمتها الشعور الوطني والدفاع عن رموز الوطن ورفض الخضوع والمذلة. والعبء ليس محمولا عليهم وحدهم في ذلك بل هو مسؤولية كل مؤمن برفعة هذا الوطن العزيز الشامخ أبدا ..ومن رفعة الوطن هيبة دولته ومناعتها إزاء تطاول المتطاولين.

لذلك تعتبر الشروط التي وضعها المكنى أبو عياض المتكلم باسم تيار السلفية الجهادية في تونس لتسليم الغر الذي تجرأ على علم بلادنا، تطاولا منه على هيبة الدولة ومؤسساتها.

لقد صرح مسـؤولو الدولة في أكثر من مستوى بأنه سيتم تطبيق القانون الجنائي على منتهك حرمة الراية الوطنية. وتحركت النيابة العمومية للإعلان عن تعرفها على المعتدي وقرب إيقافه. ثم يأتي بعد ذلك من يشترط محاكمة ناشطة بائسة دعت للتدخل الأجنبي في شؤون بلادنا ومعها عميد كلية اتهمه المتحدث بالعمالة للموساد الإسرائيلي استنادا إلى مصادر تزوده بالمعلومات من داخل وزارة الداخلية حسب قوله، وصولا إلى محاكمة من قال أنه تجرأ في بنقردان على إنزال الراية الوطنية وتعويضها بعلم فيه المنجل والمطرقة وهي حادثة لم نسمع عنها، فذلك ربط مشروط لا يمكننا قبوله ممن يستهزئ برئيس الجمهورية وهو احد رموز الدولة ويرفض تطبيق قانون لمجرد أنه لا يعجبه ويعتبره ظالما!!؟

على الحكومة الشرعية أن تتحرك بقوة ما لها من الشرعية وتضرب بكل قوة على أيدي العابثين والمتطاولين وكل وضيع تسول له نفسه الذليلة المس من هيبة الدولة وكرامة التونسيين جميعا. ولتكن راعية للوطن وحافظة لكبريائه، حتى يرعاها الوطن جميعا وثورته التي نصبتها.

زياد الهاني

* جريدة "الصحافة"، الثلاثاء 13 مارس 2012