mercredi 21 novembre 2012

الجنة ليست هناك... بقلم: زياد الهاني


بوضوح

الجنة ليست هناك...



بقلم: زياد الهاني


ما تزال وفاة الشابين السلفيين بشير القلي ومحمد البختي تسيل الكثير من الحبر وتحفز الجدل في ظل عدم توفر الاجابات التي يمكن من خلالها تحديد المسؤولية بدقة في المأساة الحاصلة ومنع تكررها.
الموت في الحالات العادية مؤلمة، وهي في حالات الحوادث الفاجعة أكثر إيلاما.. لكنها تصبح مأساوية عندما تكون هذه الموت إرادية ومعلنة ومشاهدة ومتابعة في ظل العجز الكامل عن التصدي لها.
وفاة بشير القلي ومحمد البختي إثر اضراب جوع وحشي خاضاه في السجن للضغط من أجل إطلاق سراحهما كان انتحارا على رؤوس الاشهاد عجزت السلط الحكومية عن مواجهته بشجاعة ووضع حد له وبالتالي إنقاذ نفسين بشريتين من الموت المحقق.
لنتصور سجينا قطع شرايين يده وينزف دماء مهددا بأنه لن يضغط على الشريان لوقف نزفه إلاّ  إذا تم اطلاق سراحه من حبسه. هل سنبقى متفرجين حياله ونتركه يمضي لحتفه بدعوى أنه حر في قراره!؟
هذا تقريبا نفس ما حصل لبشير القلي ومحمد البختي اللذين اختارا الموت البطيء دون أن يتدخل أحد ليفرض عليهما بالقوة إن لزم الأمر التوقف عن هذه الجريمة... جريمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق...
وعوض أن نقف جميعا عند هول المصيبة ونمنع تكررها، رأينا كيف تحولت إلى مادة للسجال بين الفرقاء السياسيين وتسجيل النقاط على بعضهم.
بل ورأينا كيف يتحول القتل المحرم للذات إلى مزاعم استشهاد في سبيل الله، هو وأديانه وشرائعه ورسله منه براء...
الذين يحسبون قاتلي أنفسهم شهداء عند الله قد يخففون مصاب أهل هؤلاء القتلى وإخوانهم، ولكنهم يرتكبون في نفس الوقت جريمة تحريض باقي الشباب المتحمس للجهاد والاستشهاد في سبيل الله على ارتكاب جريمة قتل أنفسهم. وهم بذلك يعبدون لهم طريق مخالفة شرع الله، ويقدمونه لهم على أنه طريق الجنة!؟
الشباب الذي أضرب عن الطعام كوسيلة للضغط على القضاء من أجل إطلاق سراحه، استند في ذلك إلى سوابق ما كان لها أن تقع...
وطالما أننا خسرنا أرواحا بشرية في لعبة ليّ ذراع وشد حبل، المغامر بها مهزوم، علينا أن نتصدى جميعا لكل من يحاول المضي في هذه اللعبة القاتلة ونوقف دائرة الموت.
والمطلوب من الجميع اليوم احترام استقلالية القضاء وتركه يعمل بعيدا عن كل ضغط. ويخطئ من يعتقد أنه سيحقق مكسبا من خلال ليّ ذراع القضاء، لأننا في المحصلة سنكون جميعا خاسرين.

*المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الأربعاء 21 نوفمبر 2012