samedi 17 novembre 2012

بعد وفاة الشابين السلفيين المعتقلين: متى ستتوقف الآلة الجهنمية للتحريض على القتل؟ بقلم زياد الهاني

بوضوح

بعد وفاة الشابين السلفيين المعتقلين:
متى ستتوقف الآلة الجهنمية للتحريض على القتل؟

بقلم زياد الهاني

18 أكتوبر 2012: لطفي نقض (نداء تونس) خلّف أرملة شابة و 5 اطفال أيتام...

14 نوفمبر 2012: بشير القلي (سلفي) خلّف أرملة ورضيعا عمره 6 أشهر...

16 نوفمبر 2012: محمد البختي (سلفي) خلّف أما ملتاعة و أسرة مكلومة...



تعددت المواقع والمآل واحد... أجساد شابة توارى الثرى أرامل ثكلى، وأسر تعاني اللوعة وحرقة الدموع... وأيتام يتهدد مستقبلهم الضياع؟
من المسؤول عن هذه المأساة؟
بالنسبة لعامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وعضو المجلس الوطني التأسيسي، مزدوج الجنسية الذي حمله جناح الثورة من مهجره الأوروبي المرفّه إلى سدة الحكم، فإن المعارضة هي السبب و"هي التي تقتل القتيل وتمشي في جنازته"... يقول قولته المنكرة هذه، ويدعو مع ذلك المعارضة إلى "القليل من الحياء"!؟
المعارضة من جهتها تشير إلى مسؤولية الحكومة بطرف خفي من خلال دعوتها للتحقيق في أسباب وفاة «الفقيدين» السلفيين.. ووصل التناقض عند حمة الهمامي زعيم حزب العمال والجبهة الشعبية مثلا حد تحميل المسؤولية لوزارة العدل من جهة، ومطالبتها بفتح تحقيق للتثبت من مدى حصول تجاوزات من جهة ثانية!؟
أما هيئة الدفاع عن لطفي نقض فهي تحمل مسؤولية قتله إلى ما يسمى برابطة حماية الثورة بتطاوين والمسؤولين المحليين لأحزاب الترويكا والسلط الجهوية المتراخية، وفي ذلك جانب كبير من الصواب...
في حين تتهم هيئة الدفاع عن الشابين السلفيين المتوفين الإدارة السجنية ووزارة العدل التي طالبوها بغلق وزارتها كما طالبوا وزيرها بالاستقالة!؟ وفي ذلك مغالطة كبرى للرأي العام.
ما لم تقله هيئة الدفاع هذه التي تضم محامين شبان متحمسين، من الواضح أنهم يحتاجون إلى دورات تأهيلية حتى يكونوا في مستوى العباءة السوداء التي يرتدونها، هو أن الشابين المتوفين صعّـدا من مطالبهما التي ارتفع سقفها من مجرد المطالبة بتحسين وضعهما داخل السجن، إلى المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين... وهو ما لا يستقيم!؟
هذه الهيئة «الشابة» لم تتحدث عن كل المحاولات التي قامت بها السلط المختصة لإثناء الشابين عن إضرابهما وتقديم العلاج لهما، وهو ما رفضاه بشدة وإصرار. حتى أن أحدهما رفض مقابلة والدته حتى لا تؤثر عليه حسبما ما هو متوفر من معلومات!؟
ما لم يذكره أحد، هو دور المحرضين على الموت باسم الله ودينه. وفي تقديري أن الله ودينه منهم براء.
هؤلاء الذين يستغلون، لأغراضهم السلطوية، شبابنا الممتلئ حماسة وثورة وإيمانا مطلقا بقيم نبيلة. ويدفعون بهم إلى الموت بأوهام طلب الشهادة دفاعا عن الاسلام وعن قضية عادلة!؟
ونظراؤهم في تطاوين هم الذين حرضوا ضمنيا للأسباب ذاتها علي قتل لطفي نقض وهم مدركون كل الادراك أن رجلا في نخوته واعتداده بنفسه ومقامه بين أهله، لن يرضخ للإذلال ولن يحول دون شرفه سوى موته؟...
«محامي» يصرح بكل تجن وعدم مسؤولية بأن الشاب السلفي المتوفي إثر إضرابه المستميت عن الطعام «قدّم كبش فداء لأمريكا»!؟
وناطق سلفي يصرح بأنه يحسب الشباب السلفي المتوفين نتيجة الاضراب عن الطعام «شهداء عند الله»!؟
هؤلاء الجبناء وغيرهم من محركي آلة القتل الجهنمية يزينون لشبابنا الموت، ويدفعون بهم إلى محرقته بما يمثله ذلك من خسارة للمقتولين وأهلهم و لتونس بأسرها، حتى يجلبوا لأنفسهم الأضواء وطمعا في مواقع للحكم...
يفعلون ذلك والدولة في غفوة عنهم إن لم تكن عاجزة عن التصدي لهم. وأهل الحل والعقد منصرفون إلى صراعهم المقزز على كراسي الحكم وملذاته...والشعب الكريم يغرق أكثر فأكثر في مستنقع الخصاصة والبؤس...
لك اللّه يا تونس، فهو الحافظ وهو المجيب...


المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الأحد 18 نوفمبر 2012