samedi 2 juin 2012

جريح الثورة حسن السعيدي: لم تقتله الرصاصة.. ولكن قتله الضيم واليأس


مجرد رأي
جريح الثورة حسن السعيدي:

لم تقتله الرصاصة.. ولكن قتله الضيم واليأس


بقلم:زياد الهاني


     «أقدم الشاب حسن السعيدي على وضع حدّ لحياته بتناوله كمية كبيرة من الأدوية التي وضعها له طبيب في مستشفى الرازي...»

     كان يمكن لهذا الخبر أن يكون رغم طابعه المؤلم عاديا، لو لم يكن المعني بالأمر أحد جرحى الثورة!

     الشهيد حسن السعيدي وضع حدّا لحياته بالانتحار بعد أن ساءت حالته النفسية، حيث كان يمر بفترة اكتئاب ناتجة عن شعوره باليأس بعد كل المحاولات التي قام بها للتمتع بحق العلاج المجاني في المستشفيات العمومية وهو المصاب برصاصة تسببت له في 70 بالمائة من العجز.

     ترى لو كان الشهيد حسن السعيدي منتميا لأحد أحزاب الترويكا الحاكمة هل كان سيلقى نفس المصير؟!

     تصوّروا معي لحظة واحدة لو أن جرحى الثورة الذين تم الاعتداء عليهم في مقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية كانوا منتمين  لأحد أطراف الحكم أو حتى أقرباء من بعيد لأحد النافذين فيه، هل كانوا سيلقون المعاملة ذاتها؟

     كيف لا يثور الواحد منا وهو يرى مواقع السلطة تسلّم على قاعدة الولاء والقرابة دون اعتبار بالضرورة للكفاءة. وبشكل أسوأ حتى مما كان في عهد الرئيس بن علي؟

     كيف لا ينتحر الثائر الذي واجه الرصاص دفاعا عن الكرامة والحرية وحمل شظاياه  داخل جسده وساما للفخار، وهو يعيش الفقر والخصاصة ومذلة السؤال؟ في حين يرفل المناضلون الافتراضيون القادمون من وراء البحار في السيارات الفخمة ومواكب العزّ و «يتسردكون» في البرامج التلفزية والإذاعية منتفخين «كالقطط تحكي انتفاخا صولة الأسود»!؟

     كيف لا يطلق الثائر المنسي الذي غيّر مسار تاريخ تونس وصنع مجدها وعزها ورفع رايتها ورأسها عاليا بين الأمم رصاصة الرحمة على رأسه وهو يضطر للحصول خفية على قميص يلبسه، فيما يرفل الذين أوصلتهم الثورة الى مواقع السلطة والنفوذ في ملابسهم الجديدة «السينيي» ومنهم من يطالب برفع مرتبه من 2300 إلى أكثر من 4200 دينار؟

     لقد تحاشيت منذ 14 جانفي 2011 الحديث عن حصول ثورة في تونس مركزا على عدم اكتمالها. وأضيف: أية ثورة هذه التي يجوع أبناؤها؟ أي ثورة هذه التي لا يجد صانعوها طريقا غير الموت بعد أن توهّموا صنع الانتصار؟
 
     أنا حزين لاستشهاد حسن السعيدي والحال أن المفترض في كل استشهاد أنه عرس!

     أنا حزين لوضع بلادي التي تكالب عليها المتكالبون تحت لافتات الثورة وشعاراتها.
ويسعد المواطن البسيط عندما تنزل أسعار الخضروات بمائة مليم فقط!!

     أنا حزين لكل التجاذبات السياسية من جميع الاتجاهات ومن كل الأطراف التي تحصل على حساب مصالح الوطن.

     أنا حزين لأن كل من يروم إصلاحا ويسعى إليه لا يجد من حوله إلا قلة من الصادقين وكثيرا من المنافقين و المتآمرين.

     أنا حزين لأنني أرى  وطني يغرق وأخشى عليه غدا من أن ينزف دما. وللشهيد حسن السعيدي الذي لم تقتله الرصاصة بل قتله الضيم واليأس أقول وداعا...أو لعلّي أقول: إلى اللقاء.

المصدر: جريدة "الصحافة" الصادرة يوم السبت 2 جوان 2012


http://www.essahafa.info.tn/clear.gif