jeudi 23 février 2012

الباسدران!؟



مجرّد رأي


«الباسدران»؟!




بقلم: زياد الهاني


أكوام من القمامة يتم إلقاؤها أمام عديد مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل وخاصة مقره المركزي في ساحة محمد علي بتونس العاصمة الذي سدت أكياس الزبالة بوابته الرئيسية..


المشهد كان صادما بكل المقاييس حيث لم يكن لأحد أن يتصور أن هذه الساحة بكل ما تحمله من رمزية نضالية محفورة في عقول التونسيين ووجدانهم ستتحول بفعل فاعل (متستر/معلوم) إلى مصب للنفايات!؟


خفافيش تحركت في جنح الظلام للقيام بفعلتها الشنعاء التي يجب أن لا تمر دون حساب.. فالاتحاد العام التونسي للشغل ليس جمعية عادية كآلاف الجمعيات التي يعج بها البلد مثلما صرح أحد المحامين المتشنجين في حصة تلفزية أخيرا، بل هو أحد صروح هذا الوطن وقلعته النضالية الرئيسية التي خاضت معركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي ومعركة بناء الدولة الحديثة وشكلت على مدى تاريخها الحافل بكل تقلباته سلطة مضادة للحكم وحاضنا للحريات ومدافعا صلبا على العدالة الاجتماعية وصولا إلى ثورة الحرية والكرامة المجيدة التي كان الاتحاد حاضنتها الأساسية والقوة التي حسمت النصر فيها لفائدة الشعب من خلال رعاية التحركات الاحتجاجية ومواكب الشهداء التي انطلقت من مقرات الاتحاد والإضرابات العامة التي انتهت برحيل الرئيس الأسبق وغير ذلك كثير مما لا يمكن حصره ولا عدّه.


فمؤسسة بهذا الحجم وبهذا التاريخ والرمزية لا يمكن التعامل معها بكل تلك الوضاعة والاستهانة مهما كان حجم الاختلاف مع قيادتها.


أشرطة الفيديو التوثيقية التي تمّ تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي أظهرت وجوها متخفية ومتسترة بجناح الظلام تدنس مقرات الاتحاد. وأقدام لا يظهر أصحابها تدوس على لوحة حملت اسم الاتحاد المحلي للشغل بفريانة!!


الأشباح التي أقدمت على هذا الفعل لم تكن غافلة عن عار ووضاعة ما أقدمت عليه وإلا لكشفت عن وجوهها وتصدت للعدسات بكل فخر مثلما فعل نشطاء من حزب حركة النهضة في عدد من الأحياء حين تجندوا للقيام بحملات نظافة في أحيائهم وهو سلوك مواطنيّ جدير بكل تنويه وتقدير.


وفي ثنايا التراشق بين قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة حول المسؤولية في ما جرى وكشف الاتحاد لأرقام سيارات ساهمت في عمليات تدنيس مقراته وإهانة الاتحاد ومن خلفه كل الوطنيين التونسيين الأحرار، لا يمكن للمتابع أن يغفل تنامي التحركات المنظمة لمجموعات من «المواطنين» رأيناهم أمام وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة ثم في ساحة الحكومة بالقصبة أين حضروا لإفشال التحركات الاحتجاجية لنقابات الأمن الوطني ورأيناهم كذلك في مواجهة الصحفيين الذين نظموا وقفة احتجاجية من أجل الحرية في القصبة حيث رفعوا في وجوهنا شعارات تندد بالإعلام وأهله وتهتف بحياة رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي بشعارات خلنا أن السياق الثوري الذي نعيشه ذهب بها إلى الأبد!؟


مجموعات منظمة تحركت في قوافل من السيارات حاملة معها لافتاتها ومكبرات صوتها وأكدت في وقت من الأوقات بالصوت والصورة استعدادها لتعويض قوات الأمن المهددة بالإضراب بميليشيات مدربة!؟


هل نحن بصدد متابعة تشكيل «حرس ثوري» على غرار «الباسدران» الإيراني لدعم الحكومة وبسط سلطة أصحاب النفوذ والقرار الجدد؟


أحلام الواهمين مآلها أن تتحطم على صخرة الاتحاد العام التونسي للشغل وأسواره الاعتبارية المنيعة التي تعانق حدود السماء ولنا في التاريخ عبر...

جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الخميس 23 فيفري 2012