مجرد رأي
بقلم: زياد الهاني
لمصلحة من يتم التنكيد على المواطن وتنغيص عيشه؟
لمصلحة من يتم تعطيل مصالحه وزيادة همّه؟
ألا يكفي ما يعانيه المواطن من تدهور مقدرته الشرائية أمام ارتفاع الاسعار بسبب مضاربات المضاربين والتراخي المريب لأجهزة الضبط والرقابة الاقتصادية، حتى يقع شل تنقلاته وتقييد حركته وسط حرارة خانقة تزامنت مع واجبات صوم الشهر الفضيل؟
للشهادة نقول ان اتحاد عمال تونس، هذه المنظمة النقابية الجديدة التي اسسها اسماعيل السحباني الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل نجح بشكل كبير في دفع عديد المواطنين للكفر بالثورة وتداعياتها.مواطنون حلموا بتغيير جذري في حياتهم نحو الافضل بعد الاطاحة بالاستبداد ورموز الفساد لكن مرارة الواقع بعد 14 جانفي سفهت احلامهم وألقت بهم في مربع السخط.
مئات المواطنين الذين ضاقت بهم السبل يوم الثلاثاء بسبب اضراب عمال شركة نقل تونس احتشدوا في ساحة الباساج بالعاصمة وقاموا بمنع حركة المرور في الشوارع المجاورة تعبيرا منهم عن غضبهم من التضحية بمصالحهم واتخاذهم كرهائن في معركة تعددت حسابات موقديها.قد يكون عمال النقل محقين في مطالبهم الاجتماعية، لكن هل اختاروا التوقيت المناسب والاداة المناسبة لطرح هذه المطالب؟
كل الأجراء التونسيين يعانون الامّرين والحيف بسبب ضعف أجورهم وتحملهم جزءا كبيرا من العبء الضريبي الذي يتهرب منه من هو أكثر منهم دخلا وبحبوحة ومن ضمنهم العديد من باعة الشعارات الوطنية. صحيح ان الزيادة الاخيرة المقررة في الأجور واعتماد قسط السنة الاخيرة من المفاوضات الاجتماعية السابقة لا يلبي المطامح والاحتياجات لكنها تبقى مقبولة بل وحتى استثنائية في ظل الاوضاع التي تشهدها بلادنا. فلماذا التصعيد اذن؟
للشهادة ايضا نقول ان الاتحاد العام التونسي للشغل منظمتنا الوطنية العريقة التي حاربت الاستعمار وساهمت في بناء الدولة الوطنية واحتضنت الأجيال المتعاقبة من العاملين بالفكر والساعد بذلت كل جهدها لتغليب العقل والتوصل الى اتفاق يمنع الاضراب ويقطع الطريق امام الاضرار بمصالح الناس وزيادة الاحتقان وتعكير الوضع الاجتماعي. لكن ارادة التسلط التي فرضتها فرضا سواعد مفتولة من خارج قطاع النقل كانت هي الاقوى.
قرار الاضراب ليس قرارا اعتباطيا بل يستوجب توفر مجموعة من الشروط واحترام قواعد اجرائية ضبطتها مجلة الشغل حتى يكون قانونيا فهل احترم اتحاد السحباني هذه القواعد؟ ثم ماذا عن حالة الطوارئ التي تمنع من الناحية القانونية كل اضراب او صد عن العمل وتوجب عقابا بالسجن في صورة المخالفة؟
النص القانوني للطوارىء قائم وساري المفعول لكنه للأسف ظل حبرا على الورق في ظل عدم وجود ارادة سياسية او يد وطنية قوية وامينة تقوم بتطبيقه حفاظا على مصالح الوطن والمواطنين ومنعا لانهيار الدولة وما يجلبه من خراب.تعفين الوضع العام في البلاد وتعقيد ظروف عيش المواطن الى درجة اللا احتمال ودفعه للسخط والانفجار وصولا للمقارنة بين عهدين اصبح يبحث عن تقييم ايهما اخف ضررا عليه، والكفر بالثورة لا يمكن الا ان يدخل في اطار الثورة المضادة التي يسعى من خلالها اصحاب المصالح المرتبطة بالفساد والاستبداد لجعل المواطن يحن الى قيده السابق بعد ان دوخته تداعيات الحرية بسبب الفوضى العارمة الناتجة عن تآمر المتآمرين وشطحات المتهافتين.
فهل سيتحمل أصحاب القرار السياسي مسؤوليتهم في الدفاع عن حرمة القانون وهيبة الدولة وهي هيبة لا تعني موقع الحاكم بقدر ما تعني القدرة على الدفاع عن المحكوم؟
هل ستتدخل النيابة العمومية لتطبيق القانون وملاحقة المتجاوزين المتلاعبين بمصالح الوطن؟
الكل يتحمل مسؤوليته في واجب الدفاع عن كيان الدولة وحماية المواطنين.