jeudi 20 décembre 2012

قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه .. أطلقوا سراح سامي الفهري...



http://www.essahafa.info.tn/clear.gifبوضوح

قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه
أطلقوا سراح سامي الفهري...


بقلم: زياد الهاني



أنا ممن يمقتون الظلم ويرفضونه، وقناعتي راسخة بما تجمع لدي من معطيات أن ما تسلط على المنتج الإعلامي والمبدع سامي الفهري مدير قناة «التونسية» ظلم صارخ.
صحيح أن الرجل ملاحق في قضية فساد من الوزن الثقيل وستقول العدالة كلمتها فيه ويحسم القضاء أمره بما يستقر في وجدان القائمين على شأنه وبما ينتصر للحق ويحقق العدل. والقضية في هذا الاطار جارية ختم التحقيق فيها، ولم تعد تنتظر سوى إحالتها على الدائرة القضائية للنظر والحسم، لكن سامي الفهري لم يتخلف يوما واحدا عن الاستجابة لدعوات حاكم التحقيق الذي باشر استجوابه مرات متعددة. لذلك كان الزج به في السجن قبل إحالته على المحكمة ومباشرة إثر سلسلة «اللوجيك السياسي» المعروفة أكثر باسم «القلابس» التي انتقدت بشكل فني حاد حركة النهضة أساسا والترويكا الحاكمة، مبعثا للحيرة  والتساؤل حول الدوافع الحقيقية لهذا الاجراء وحول مدى امكانية استخدام القضاء كأداة لتصفية من يعتبرهم الحكام الجدد خصوما لهم؟
محكمة التعقيب أنصفت الفهري بإلغائها قرار إيداعه السجن الصادر عن دائرة الاتهام، لكن هذا القرار التعقيبي سرعان ما تم التراجع عن تنفيذه بعد صدور برقية أولى في ذلك من النيابة العمومية. وهو ما حدا بمحكمة التعقيب للتدخل مرة ثانية لشرح قرارها الأول وتأكيده، لكن ما من مجيب!؟
فقرار محكمة التعقيب ظل حبرا على ورق لرفض النيابة العمومية تنفيذه وهو ما خلق وضعا إشكاليا بالنسبة للمتهم الذي يعتبر حرّا من الناحية القانونية لكنه ظل مع ذلك سجينا من الناحية الفعلية. ولن يغير القرار الجديد لدائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف شيئا من هذا الوضع الجديد الاشكالي؟
ما حصل مع سامي الفهري خطير لأننا جميعا قد نجد أنفسنا في وضع مماثل. لذلك فسكوتنا عن «ذبح» سامي الفهري اليوم يعني اننا نقدم رقابنا لمنظومة الاستبداد الجديدة المتشكلة على طبق من ذهب.
الإعلامي والمناضل السياسي الديمقراطي المعارض دائما الطاهر بلحسين أعلن عن تشكيل لجنة لمساندة سامي الفهري رغم سابق الخصومة بينه وبين الرجل.. وقفة احتجاجية تجري صباح اليوم الجمعة أمام مقر وزارة العدل للمطالبة بالإفراج عن الأسير المعتقل.. ملاكان طاهران ينتظران بفارغ اللهفة والشوق أن يعود لهما أبوهما المسجون ظلما بشهادة كبار رجال القانون وجمعية القضاة التونسيين.. السيد المدعي العمومي لدى محكمة التعقيب أصبح محل تتبع قضائي من أجل احتجاز شخص بموجب قانوني وتم التقدم بطلب لوزارة العدل لرفع الحصانة القضائية عنه حسب ما  بلغنا من معلومات.. سامي الفهري دخل قبل يومين في اضراب جوع احتجاجا على ما تسلط عليه من ظلم خاصة وأن محاكمته في قضية الفساد المتهم فيها جارية ولن يوقفها بقاؤه في السجن من عدمه..
لكن ماذا لو حصل في الأثناء للرجل مكروه لا قدر الله؟
من سيتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية لذلك؟
هل مازال في تونس شك بأن عهد الحصانة من المحاسبة والملاحقة القانونية ولّى ولن يعود، وبأن الجالس على كرسي الحكم والمسؤول اليوم قد يصبح مطلوبا غدا؟
بماذا ستواجه الحكومة التونسية المجتمع الدولي والمجلس الأممي لحقوق الانسان لو عرفت هذه القضية طريقها للتدويل، وهي ماضية إليه؟
ثورة لا تحاسب الفاسدين ليست ثورة... وثورة تظلم ليست كذلك ثورة..
ما نطلبه من حكومة تنتسب للثورة هو أن تحاسب بقوة، لكن دون ظلم..
فهل سيتدخل السيد نورالدين البحري الحقوقي الضليع والمناضل قبل أن يكون وزيرا للعدل، بما له من سلطة قانونية، للإفراج عن سامي الفهري وفك أسره؟
أتمنى ذلك من كل قلبي...
سيدي وزير العدل رجاء.. أطلقوا سراح سامي الفهري...


المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الجمعة 20 ديسمبر 2012