lundi 26 juillet 2010

سمير بوعزيز يكتب في ذكرى الجمهورية: الفاهم بوكـدّوس


هل نمت البارحة ما يكفي؟
هل زارتك فراشة عند الفجر؟
هل بدأت تحصي الأيام، وتصنع من ورق زوارق؟

نحن نعدّ أصابعنا من كثرة الخجل
ونمشي بلا رقبة
تهدّدنا ضحكتك الجميلة ويرهبنا صوتك العذب

نحن بلا أسماء، استعرنا اسمك للتنفّس
ورئتيك لتنقية الهواء
وصورتك للتنكّر من ملامحنا الباهتة

تتلبّسنا وتريد أن تسكن عجزنا
نحن نحاول بك التشبّه
نُحرّك القيود على كسل
ونجازف بالهمس طلبا للهتاف

***
أخذوك
هل قيّدوك قبل الرحيل؟
هل طلبوا منك الهويّة؟

كانت عيونهم ولا شكّ خوف
وكانوا على عجل

وكنت تلوّن على الضوء رسما للوطن
وكنت تجدّد الوعد عزما وتقبّل راية من تَعِدْ

لم تنحن
كنت أعلى هامة، قادرا ومقتدرْ
والقصر يرتعش لذكرك
والعرش يهتزّ إذ تمضى لسجنك
واثقا أن "القيامة" قادمة
وأن الشعب إذ نفخ
هز البلاد ومن عليها
وأطاح بالجاثمين على القدر

***
أخذوك

كنّا نتابع الأخبار
ونطلب من عرب ومن عجم مدد
ونقول أنك صديقنا
وأنك رفيق كلّ المحن

لم نخدش سور سجنك
كنت وحيدا
وكنّا نبحث في المنابر عن بوح صغير
نلوّح لك بالعرائض الصفراء
نخفى الرايات الحمر
ونبكي في السرّ
يواسي بعضنا البعض أنك نصر
وأنّ سجنك فخر
وأنّك عائد
وأن علينا أن ننتظر

***
ماذا تقول عنّا؟
هل تغلب بسمتك الوجع
وكعادتك تفتح للأفراح بابا
وتعود لتعيد للفعل معنى
وتمدّ خطوتك على طول الطريق
حيث تمدّدنا على كسل

***
كان الجنوب يكتب فرحته وصرخته
ويدقّ على الأبواب
وكنت تردّد عن الأحرار ما فعلوا
وصوتك يعلو هتافا بالنداء

كنت عند الثورة مفتونا بـ"جُرمك" الجميل
وكانت المسيرة تستمرّ
والناس قد خرجوا،
والمحرومون آلاف تلفّ الدنيا بين يديك
وأنت عنهم تنادينا
وعنهم ترسل الدعوة:
(عرس الشعب في "الرديّف"
الكلّ مدعوّ
لا تنسوا اللباس الأحمر
وشارة النصر
والعلم الوطني)

وعند الغروب كان العسكر
وكنت تردّد نشيد الثورة

***
"الفاهم" أمنيةٌ و"بسملةٌ"
و"الفاهم" عنوانٌ لتصحيح الخبر:
(جمهوريّة في خطر
يسجن عاشقها برغبة موظف سام
ويكتب على باب زنزانته:
لتكن عبرة، كونوا كصمت الحجر).

"الفاهم" لن يتأخّر
سيأتي في النوم لسجّانه...
ويوقظنا
يصلّى صلاة الوقوف بنا
نأتيها جماعة
ونرتّل ما تيسّر من عناده

"الفاهم"
وإن طال مكوثك في السجن وحدك
وحدك أكثر من عدَدْ
لست الأسير وإن اعتقلت
حرّا أراك
يهتف باسمك الأطفال، رمزا للوطن

وإن نساك من نساك
فهاذي البلاد التي أنجبت ستُعليك دوما
وتكتب اسمك على صفحة العزّ
بحروف من ذهب

سميـر بـوعــزيــز

ملاحظة: بين أيديكم النسخة الخامسة والستين من مدونة "صحفي تونسي" بعد أن قام الرقيب بحجب نسختها السابقة بصورة غير قانونية في تونس إثر نشر رسالة مفتوحة إلى السيد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس تحت عنوان: