vendredi 8 février 2013

اغتالوا شكري بلعيد... لكنهم لن يغتالوا الأمل


بوضوح
اغتالوا شكري بلعيد... لكنهم لن يغتالوا الأمل

بقلم: زياد الهاني

ترجل الفارس وسقط شكري بلعيد شهيدا في معركة الحرية والكرامة، دمه الذي تسللت قطراته بين حبيبات الاسفلت لتلتحم بها لن يذهب سدى، فإما أننا سنشهد عودة للوعي لدى المحرضين على الفتنة والخراب بما يعدل سياق المسار الثوري في بلادنا ويجعله في خدمة مبادئ الثورة التي تجعل من التونسيين جميعا شركاء في بناء وطنهم الحر وسادة فيه، أو هو السقوط في هوة سحيقة سيكون النهوض منها غالي الثمن؟
في انتظار الكشف عن الجناة الذين دبروا ونفذوا جريمتهم البشعة باغتيال أحد رموز تونس وقادتها المخلصين تبقى الحقيقة التي لا خلاف حولها ماثلة أمام الجميع، لولا مناخ التحريض لما تمت الجريمة. لذلك يعتبر المحرضون شركاء أساسيين في الجريمة بدعواتهم للفتنة والتباغض بين التونسيين، برعايتهم للعنف والقائمين به وتوفير الحماية لهم.
ومن هذا المنطلق يتحمل الجناح المتصلب في حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي مسؤولية أساسية فيما آلت اليه الأوضاع في بلادنا بسبب الرغبة في السطو على الثورة والاستيلاء الكامل على الحكم ولو بالعنف.
وبالتالي يصبح استغراب بعض قادة النهضة من تحميل حزبهم مسؤولية ما جرى أمرا مستغربا من قبلهم!! فالذين يمارسون العنف ويمنعون الاجتماعات العامة ويعتدون على السياسيين والإعلاميين يعتبرهم الشيخ «ضميرا للثورة»!!
أحد نواب حزبه في المجلس الوطني التأسيسي يصرح على رؤوس الاشهاد بأن قتل الشهيد لطفي نقض المسؤول الجهوي لحركة نداء تونس في تطاوين «عمل ثوري»!!؟ ثم يأتي البيان الاخير لمجلس شورى حركة النهضة الذي طالب فيه القضاء بإطلاق سراح المجرمين ليوجه رسالة الى عناصر الميليشيا التي تتخذ من «حماية الثورة» غطاء لتنفيذ جرائمها، بأنه يمكنهم العمل لأن الحماية متوفرة لهم في أعلى مراكز القرار؟
شكري بلعيد كان سباقا للتحذير من مخاطر السير في طريق العنف والتحريض عليه والعمل على عقد مؤتمر وطني حول العنف يكون كفيلا بالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد بنسف المسار الديمقراطي في بلادنا واشعال حريق هائل فيها يصعب إطفاؤه.
ولم يكن شكري بلعيد وحده المستهدف من قوى الظلام، بل أكثر من سياسي وإعلامي موجودون اليوم على قائمة الاستهداف... السياسي لأنه يعارض ويتصدى لمشاريع السطو على الثورة والدولة، والإعلامي لأنه يعمل على كشف الحقيقة ويرفض العودة بالإعلام الذي تحرر في بلادنا إلى مربع ما قبل 14 جانفي 2011.
ولا نكشف سرا عندما نقول أننا نتساءل اليوم كصحفيين عمن سيكون أول شهيد يسقط في صفوفنا دفاعا عن حرية الاعلام والتعبير وحرية الكلمة للتونسيين جميعا. وإن كنا ندرك من هم منا الموجودون على قائمة الاستهداف الإرهابي.
تونس تعيش اليوم باغتيال شكري بلعيد لحظة فاصلة وفارقة في تاريخها. وقدر المؤمنين بالثورة والحرية أن يواصلوا تجندهم للدفاع عنها مهما كانت التضحيات. فنحن قوم إذا مات منا سيّـد قام سيّـد، قؤول لما قال الكرام فعول.
وعلى قيادة حركة النهضة أن تراجع حساباتها وسياساتها التسلطية ولا تهزها الأوهام للتهلكة كما سبق أن جربته من قبل... فللبيت رب وشعب يحميه.
صحيح أنهم اغتالوا شكري بلعيد... لكنم لن يغتالوا فينا الأمل وإرادة الحياة الكريمة الحرة.
المصدر: جريدة "الصحافة اليوم"، العدد الصادر يوم الخميس 7 فيفري 2013