mardi 13 septembre 2011

مجرّد رأي لزياد الهاني: أثق في شعبي


مجرّد رأي

أثق في شعبي ...

بقلم زياد الهاني


على مسافة أيام معدودات من موعد الانتخابات التاريخية للمجلس الوطني التأسيسي تصاعد الحديث حول موضوع استفتاء مواز حول صلاحيات المجلس التأسيسي ومدة ولايته.
أصحاب هذا الطرح يعتبرون بأن المجلس التأسيسي وان كان سلطة شرعية، الا ان جمعه لكل السلطات الدستورية سينتج عسفا وبأن اختصار عمل المجلس ضروري لتجنيب البلاد انعدام الاستقرار وطول النقاشات ويؤكدون على ان الاستفتاء الذي يقترحونه سيمكن الشعب من تقرير مصيره !؟
ورغم الوجاهة النظرية لهذا الطرح وما يظهره من غيرة على سيادة الشعب ونظامه الجمهوري، الا انه في تقديري مجانب للصواب.
فالمطالبون بالاستفتاء يريدون وضع قيد مسبق على المجلس التأسيسي خوفا من جموحه. اي هم متخوفون من ان لا يكون اختيار الشعب مصيبا وأن يحمّل الأمانة لمن هو غير مؤهل لها لامكانية انحرافه بها ؟
انا اثق في شعبي ... وأثق في حسن اختياره.
لقد كان شعبنا متقدما في ثورته على نخبه.
تذكروا كيف تفاعلت بعض هذه النخب مع الخطاب الأخير للرئيس السابق !! تذكروا كيف هللت له ودعت الى الثقة فيه !!
تذكروا كيف سارع المسارعون الى الانخراط في مشروع حكومة بن علي الجديدة التي قالوا عنها ائتلافية وحكومة وحدة وطنية وغير ذلك من المسميات التي لا تغير من طبيعة العملية المتمثلة في انقاذ نظام فاسد ومفلس !!
تذكروا القصبات وكيف اسقط المعتصمون حكومتين للسيد محمد الغنوشي واصروا على القطع نهائيا مع شبكة الحزب المنحل وهو ما نجحوا في تحقيقه !!
في أحيان عديدة كان الارهاق وطول المسيرة المتعبة سببا في دفع نخبة منهكة للتسليم بوهم المكسب المتحقق.
لكن الشعب بكل عنفوانه وبعزيمة قواه الحية كان دائم الدفع الى الأمام على طريق الكرامة والحرية.
لذا ادعو كل المشككين وكل المتخوفين وكل اصحاب المصالح والنوايا المعلنة وغير المعلنة الى ان يتركوا هذا الشعب العظيم السيد حرا في أن يواصل طريقه وينحت في الصخر تجربة ستظل نبراسا وعلامة مضيئة في سفر الانسانية.
اعترف بأني كنت ممن دافعوا عن فكرة التعجيل بالانتخابات الرئاسية باعتبارها افضل ضمان لاستقرار تونس وأمنها. لكن ما تحقق لحد الان منذ المضي في انجاز مشروع المجلس التأسيسي من اعادة تركيز للبنى الوطنية على أسس صلبة تقطع مع سلبيات الماضي وتستجيب لاستحقاقات الثورة، يجعلني أنحني اجلالا لارادة شعبي ولصواب خياره الذي يتأكد يوما بعد يوم.
أنا أثق في شعبي وأثق في انه سينتخب الاقدر على حمل الأمانة، كما أثق بان المجلس المنتخب قادر بأن يوصل تونس الى بر الأمان.
يردد البعض بأن المجلس التأسيسي الاول صاغ دستورا على مقاس الزعيم الحبيب بورقيبة وعبّد له طريق الاستبداد، وهو قول صحيح لا يحتاج الى دليل.
اما القول بامكانية تجدد التجربة فغير صحيح لان المجلس القادم سيكون بحكم النظام الانتخابي تعدديا لا مجال فيه للانفراد وبالتالي لتكرار تجربة الاستبداد.
من خلال رصد مواقف مختلف القوى السياسية الوطنية من مسألة الاستفتاء يتبين ان الخط المقاوم لنظام بن علي هو الرافض الأساسي لهذا المشروع. وهو مايدفع الى الاعتقاد بأن هذا المشروع وبقطع النظر على الاستحالة المادية قد سقط اخلاقيا وسياسيا وعمليا، ولن يكون بامكان عرابي مراكز النفوذ الخفية والمحفظات المالية الاجنبية والخليجية ان ينفخوا فيه روح الحياة بنفوذهم واموالهم لأن ارادة الشعب تبقى فوق الجميع.
أنا لي ثقة في شعبي ...

المصدر: جريدة الصحافة الصادرة يوم الثلاثاء 13 سبتمبر 2011