مجرد رأي
أزمة تحديد موعد الانتخابات
الحكومة تتخلص... والقرار بيد هيئة الإصلاح السياسي؟
بقلم: زياد الهاني
بعد «اقتراح» الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الأحد تأجيل انتخاب المجلس الوطني التأسيسي إلى موعد 16 أكتوبر «إيمانا منها بمبادئ ثورة الشعب التونسي الهادفة إلى القطع مع النظام السابق المبني على الاستبداد وتغييب إرادة الشعب.. والتزاما منها بالمهمة الموكولة إليها والتي تم على أساسها انتخابها والمتمثلة في ضمان انتخابات ديمقراطية وتعددية ونزيهة وشفافة» حسب ما جاء في بيانها، جاء دور مجلس الوزراء اثر اجتماعه أمس لتقديم «توصية» باحترام ما التزمت به الحكومة الانتقالية ورئيس الجمهورية المؤقت بتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي (في الرابع والعشرين من جويلية) مع التعهد بوضع جميع إمكانات الدولة على ذمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإنجاح هذا الاستحقاق الهام مثل ما جاء في بلاغ الحكومة.
وإذ تراوحت مواقف الطرفين المعنيين مباشرة بالعملية الانتخابية بين «الاقتراح» و«التوصية» فلمن إذن سيكون القرار؟.
واضح أن القرار أصبح الآن بيد هيئة العميد عياض بن عاشور التي ستكون رغم طابعها الاستشاري صاحبة القرار الفصل خاصة وان الرئيس المؤقت قام أمس وفي آخر يوم من الأجل القانوني المخول له بمقتضى الفصل 30 من مرسوم انتخاب المجلس الوطني التأسيسي بالتوقيع على أمر بدعوة الناخبين للاقتراع يوم 24 جويلية المقبل.
لكن لنسأل أنفسنا بكل مسؤولية: هل ستكفي الأيام القليلة التي تفصلنا عن موعد 24 جويلية بإعداد انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة تجسد إرادة الشعب التونسي ومطامح الثورة.
هل ستتمكن الهيئة المستقلة للانتخابات من توفير حوالي 24 ألف عنصر للإشراف على مكاتب الاقتراع علما بأن عدد هذه المكاتب سيكون في حدود 8 آلاف ويتطلب كل مكتب وجود رئيس وعضوين على الأقل؟ علما بأن عملية تحر واسعة يجب أن تتوفر للتأكد من استقلالية المنتدبين لهذه المهمة وحيادهم خاصة وأن أي اختراق سياسي لهذه الشبكة من شأنه أن يفجر العملية الانتخابية برمتها؟
هل بإمكان هيئة الانتخابات أن تقوم بإعداد تقسيم للدوائر الانتخابية يكون متوازنا ومقنعا خلال هذه الفترة الوجيزة؟
هل سيكون بإمكانها في هذا الآجل الانتهاء من ضبط القائمات الانتخابية حتى تضمن حق الاقتراع لكل المواطنين والمواطنات مثلما يلزمها به مرسوم تأسيسها؟
هل سيكون بإمكانها تنظيم الحملات لتوضيح العملية الانتخابية والحث على المشاركة فيها مثل ما جاء به نفس المرسوم؟.
من حق الأحزاب أن تكون لها حساباتها وحتى شطحات بعضها كأن تجعل من أجنداتها الخاصة أجندات للثورة.. لكن ليس من حقها أن تضحي في غمرة ركضها لإشباع شبقها السلطوي بحقنا كمواطنين في أن تجسد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي إرادتنا الحرة والسيّدة.
تونس بحاجة إلى الاستقرار وفي أوكد الحاجة لتحقيق شرعية دستورية توصد الباب أمام المزايدات. وهي شرعية كان بالإمكان المضي إلى تحقيقها عبر المبادرة إلى إجراء انتخابات رئاسية تسبق انتخابات المجلس التأسيسي ليكون لبلادنا والأعاصير تعصف بها خيمة موثوقة ومحسومة شرعيتها يمكنها أن تظلل الجميع وتقود بثبات مرحلة الانتقال الديمقراطي لولا الحسابات الزعاماتية والأنانية الضيقة.
لكن عند تعارض الاستحقاقات فنحن مطالبون بوضع سلم للأولويات يسبق الأهمّ على المهمّ، وأهمّ ما يعنينا كمواطنين، ليس لهم كراسي يركضون خلفها، أن لا يسرق قرارنا من خلال الهرولة إلى انتخابات لم تكتمل شروط انجازها لتكون ديمقراطية وشفافة.