بوضوح
لتجنّب
«السياحة
الحزبية»
في
البرلمان
الدوائر
الانتخابية الفردية هي الحلّ...
بقلم
زياد الهاني
عديدة
هي المناسبات التي تم خلالها طرح موضوع
«السياحة
الحزبية»
في
المجلس التشريعي، وانقسم الخائضون في
هذا الشأن بين مطالب بالتصدي لهذه الظاهرة
وبين غاضّ للطرف عنها، وكل له من المؤيدات
ما يدعم به وجهة نظره.
وتتمثل
السياحة الحزبية في تنقل عضو المجلس
التشريعي من كتلة نيابية الى أخرى أو من
حزب الى آخر دون ارتباط منه بموقف القائمة
الأصلية التي ترشح ضمنها وأوصلته الى
مقعده النيابي.تابعنا
في المجلس التأسيسي الحالي كيف أن عديد
النواب من القائمات «الفقيرة»
تم
استقطابهم من قبل قائمات «غنية».
رأينا
كيف أن رجل اعمال هو أقرب الى الأمية منه
الى التعلم، تمكن من «شراء»
مجموعة
نيابية رغم أن هذا الشخص لم ينجح في الوصول
الى قصر باردو خلال الانتخابات الأخيرة!؟
رأينا
كذلك نوابا ينشقون عن كتلهم الحزبية
وينضمون الى كتل حزبية أخرى بعد أن خذلتهم
أحزابهم وتنكرت للأهداف التي التفوا
حولها وتعاهدوا على تحقيقها، لكن تنقلهم
كان على أساس مبدئي لأنهم انضموا الى
الكتل الأكثر تعبيرا عن قناعتهم التي لم
يبدّلوها.
فالقول
بجواز تنقل بين الكتل كما يشاء وانفصاله
على القائمة التي رشحه الناخبون على
أساسها يطرح إشكالية إمكانية تحويل المجلس
النيابي إلى سوق تباع فيه كراسي النفوذ
لمن يدفع أكثر، ويصبح النائب تبعا
لذلك عبدا لمن دفع له الثمن الأعلى وخادما
لمصالحه على حساب مصالح الشعب.
لكن
القول بمنع تنقل النواب يطرح بدوره اشكالية
ارتهان نواب الشعب في وعاء مصالح حزبية
ضيقة تجعل النائب مكبلا، خاصة عندما يتنكر
حزبه لتعهداته والتزاماته الانتخابية.
ومن
هنا يتوضح أن الاشكالية الأساسية ليست
في بقاء النائب في كتلته أو خروجه منها،
ولكن في كيفية حفاظه على مصداقيته وعدم
خيانته للناخبين الذين صوتوا له وللمبادئ
التي عاهدهم عليها.
لذلك
يعتبر نظام الدوائر الفردية في الانتخابات
هو النظام الأفضل لأنه يجعل النائب ملزما
باحترام التزاماته تجاه ناخبي دائرته،
لأن عدم احترام الالتزامات سيؤدي ضرورة
الى عدم تجديد الثقة في الانتخابات
الموالية.
كما
أن نظام الدوائر الفردية التي تكون على
مستوى المعتمديات وليس على مستوى الولايات،
يجعل الناخبين أكثر قدرة على التعرف على
المرشحين والتصويت للأفضل من بينهم.
خلافا
لنظام القائمات التي قد تحتوي الواحدة
منها على اسم معروف جدير بتحمل المسؤولية،
لكنها تسمح بأن يتسرب الى جانبه للمجلس
التشريعي من هم أدنى منه قيمة.
ولا
يخفى على المتابعين للشأن السياسي في
بلادنا ضحالة مستوى العديد من النواب في
المجلس التأسيسي وضعف أدائهم.
هؤلاء
ما كان لهم أن يرتقوا الى المقاعد التي
يحتلونها في قصر باردو لو تم التصويت بشكل
فردي على أشخاصهم.
لكن
التصويت على القائمات والانضباط الحزبي
هو الذي مكنهم من احتلال مواقع قرار لا
يستحقونها.
المطلوب
من النائب كما في القسم الذي يؤديه، هو
أن يعمل باخلاص في خدمة الوطن.
وحتى
لا ينعزل عن ناخبي دائرته ولا يحوّل موقفه
السياسي الى تجارة يخدم بها مصالحه على
حساب المصالح مبدلا ارتباطاته بتبدل
راعيها، قد يكون اعتماد نظام الدوائر
الفردية في الانتخابات هو الأفضل حتى
يكون للمجلس التشريعي دور وتمثيلية ومعنى.
المصدر :
جريدة
"الصحافة"،
العدد الصادر يوم السبت 4
ماي
2013