vendredi 25 mai 2012

الانتفاضة الثورية للناطق باسم رئاسة الجمهورية: ما أسهل الركوب على الثورة في ظل تغييب صنّاعها


مجرد رأي
الانتفاضة الثورية للناطق باسم رئاسة الجمهورية:
ما أسهل الركوب على الثورة في ظل تغييب صنّاعها...

بقلم: زياد الهاني
 
       مقال عدنان منصر الناطق باسم رئاسة الجمهورية المنشور أخيرا بموقع «نواة» الالكتروني تحت عنوان «حتى لا تحفر  الحكومة قبرها وقبر الثورة» أثار وما يزال العديد من التعاليق المستهجنة في أغلبها.
فالرجل معروف برصانته وهدوئه المستمد ربما من تكوينه كرجل علم متخصص في التاريخ. لكن لم نكن نتوقع منه خطابا متشنجا كذاك الذي استعمله في مقاله الثوري الحارق.
هل هي «حكمة كرسي الحكم»!؟ أم أنها «خمرة السلطة» التي غيّبت العقول!؟ أو لعلها «سكرة الموت» ولوعة الفرق مع بيان انسداد الأفق، خاصة وان عبارة «القبر» كانت حاضرة بقوة في المقال.
يبدأ عدنان منصر نصّه بالحديث عن الأسئلة الحارقة التي يتداولها يوميا أنصار الثلاثي الحاكم حسب تأكيده. أسئلة حائرة تكشف الأولويات المقلوبة لأصحابها ولربما للمحدثين عنهم حيث تبدأ بالاطمئنان على البقاء في السلطة وتنتهي بالاطمئنان على تحقيق أهداف الثورة، وليس العكس!؟
مستشار رئيس الجمهورية والناطق باسم الرئاسة استعمل في مقالـه عبارات تنم عن كثير من التعالي الذي بلغ حد المغــالاة أحيانا، بما يتعارض مع وضع شخص يفترض أنه يتحمل مسؤولية سامية في الدولة، كحديثه عن «حمق» بعض من في الحكم الذين يتحدثون عن استقلال القضاء!؟ و«الغباء الشديد» لمن يغرقون في منطق الدولة!؟ و«المنطق المريض الذي يبدو متغلبا  على البعض» ممن يعتقدون أن كل دور الحكومة يتمثل في ضمان تطبيق القانون!؟
الحمّى الثورية ذهبت بالمستشار حدّ الطعن في مبدإ الاحتكام إلى القضاء المعطلة آلته في نظره ويرتبط الجميع تقريبا فيها حسب تقديره بشبكات الفساد والرشوة والحنين إلى العهد البائد والعاجز بالتالي عن تحقيق العدل الذي يبتغيه الناس.
رجل الدولة المستشار الناطق باسم رئاسة الجمهورية لا يرى أولوية للقانون في بناء النظام الجديد الناتج عن الثورة. فبالنسبة إليه «لو كانت الأولوية للقانون لما قام الناس بثورة ولما انتخب الناس هذه الأحزاب لتشكيل الحكومة. ولكن يبدو من سوء الحظ أن كل الناس يعرفون ذلك إلا الحكومة!!» والحال أن الناس الذين قاموا بالثورة، قبل أن يركبها آخرون ويصبحوا أوصياء عليهم وعليها، إنما ثاروا على انتهاك القانون ودوسه وتحويل دولتهم إلى مزرعة خاصة للحاكم وأصهاره وعائلته المتنفذين. وإذ سيكون للثورة عند اكتمال مسارها على بلادنا من فضل فهو إعادة الاعتبار للقانون والفاعلية لمؤسسات الدولة.
من المؤسف أن يسعى عدنان منصر الجامعي المحترم الذي رمت به المصادفة التاريخية إلى أحد الكراسي الملحقة بالحكم، إلى لبس جبة الثورية التي لا تلائم مقاسه، ليبرر سطوا مقنّعا لفريقه على الحكم واستعدادا للقتال من اجل المنافع المنجرّة عنه تحت رايات الثورة الزائفة. أجدادنا قالوا «اللي موش مستانس بالبخور... تتحرق حوايجو»...
المصدر: جريدة "الصحافة"، العدد الصادر يوم الخميس 25 ماي 2012