dimanche 14 août 2011

سيرة مختصرة للأستاذ عبد الرحمن الهاني



سيرة مختصرة للأستاذ عبد الرحمن الهاني



ولد الأستاذ عبد الرحمن بن صالح بن محمد بن الهاني الحمادي بوشعالة الفيتوري يوم 6 جويلية 1930 بقرية سيدي حمادة القرآنية الراجعة بالنظر إداريا لمعتمدية سليانة الجنوبية، في عائلة زيتونية وبيت علم وورع ونضال.

فقد كان والده المرحوم الشيخ صالح الهاني عدلا بسليانة إلى جانب اشتغاله بالنشاط الفلاحي، وكذلك أخواه المرحوم الشيخ عبد الحميد الهاني والشيخ عبد الستار الهاني الذين كانت لهم مساهمات متميزة في الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار ودفعوا غاليا ثمن انحيازهم إلى جانب المرحوم صالح بن يوسف في صراعه مع الزعيم الحبيب بورقيبة في خياره بوحدة المقاومة في المغرب العربي ورفض الحلول المنقوصة والانفرادية.


تحصل الأستاذ عبد الرحمن الهاني على شهادة التطويع من جامع الزيتونة المعمور ليتحول إثرها إلى المشرق العربي بدءا بالعراق حيث تابع دراسة متزامنة في كلّيّتي الحقوق والآداب (قسم التاريخ والجغرافيا) ببغداد .

لكنه اضطر لأسباب صحية ناتجة عن عدم تأقلمه مع مناخ بغداد، إلى التحول بتوصية من أحد أساتذته المصريين إلى القاهرة حيث تابع دراسته بكلية الحقوق بجامعة القاهرة التي حصل منها على الإجازة في القانون.


وهناك ساهم رفقة زميله الأستاذ محمد صالح كعفار في تكوين رابطة للطلبة التونسيين اعتبارا لسيطرة العناصر الدستورية على فرع الاتحاد العام لطلبة تونس. كما كانت له مساهمات حثيثة في توحيد تحركات الطلبة المغاربة في مصر لخدمة القضايا العربية وفي مقدمتها قضيتا فلسطين والجزائر.


وخلال وجوده في مصر المتزامن مع تأميم قناة السويس وتبني القاهرة للنهج الوحدوي العربي، ارتبط بالخط الناصري. ونشط في صفوف المعارضة التونسية اليوسفية أساسا التي تنتمي إليها عائلته وكانت له عديد البرامج المعارضة في إذاعة صوت العرب من القاهرة.

وقد اضطر بعد إكماله دراسته في مصر وبسبب نشاطه المعارض، إلى اللجوء فترة من الوقت في المغرب أين اشتغل بالتدريس في قرية شفشاون شمالي المغرب، قبل أن يعود نهائيا إلى تونس أوائل الستينات.


وقد تزوج سنة 1963 من السيدة فاطمة بن عبد الملك كريمة الشيخ عبد الباقي بن عبد الملك شيخ زاوية سيدي عبد الملك والطريقة الرحمانية التي أدخلها إلى تونس جده سيدي أحمد بن عبد الملك وكانت إحدى القلاع الرافضة للاحتلال الفرنسي والمناهضة للاستعمار.


التحق الأستاذ عبد الرحمن الهاني في بداية مساره المهني بعد سنوات عديدة من البطالة القسرية بوزارة العدل، قبل أن يدخل سنة 1970 المحاماة التي لا يزال مباشرا لها من الناحية القانونية رغم ظروفه الصحية. وساهم من خلال عمله كمحامي في الترافع في القضايا السياسية والدفاع كل المعارضين الذين تعرضوا للعسف زمن الحكم البورقيبي وخلال حكم بن علي.


في سنة 1981 قام صحبة العميد بشير الصيد بتكوين التجمع القومي العربي ليكون أول تنظيم سياسي علني وقانوني للوحدوين في تونس قبل أن يستقيل من مكتبه السياسي في 1985 صحبة الأستاذ محجوب الزموري .

وسبق له أن ساهم في تأسيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسليانة

ليكون أول كاتب عام له.

وفي سنة 1988 شكل صحبة مجموعة من المناضلين الوحدويين حركة عروبية هي حركة طلائع الوحدة التي تبنت الخط العربي الإسلامي ومثلت أول محاولة هيكلية لتجاوز الصراع بين الحركتين القومية والإسلامية والبحث عن مجال موحد للالتقاء بينهما من منطلق أن العروبة والإسلام يشكلان الدعامتين المتلازمتين والأساسيتين للهوية الوطنية.


لكن هذه الحركة تلاشت بعد عام 1994 بسبب القمع الذي تسلط عليها إثر تقدم رئيسها الأستاذ عبد الرحمن الهاني بترشحه للانتخابات الرئاسية لتلك السنة وسجنه على خلفية ذلك. ودافع في بيان ترشحه عن حق التونسيين في ديمقراطية حقة والعفو التشريعي العام. وكلّفه ذلك حكما بالسجن والخطية وحرق مكتبه ثلاثة مرات وتدمير نشاطه المهني وما نتج عن ذلك من متابعات وملاحقات قضائية جائرة. وتخلى الأستاذ عبد الرحمن الهاني إثرها نهائيا عن ممارسة العمل السياسي، وتفرغ لمعالجة آثار الدمار الذي لحق أسرته وكذلك عمله بسبب الأضرار التي لحقت مصالح منوبيه.


وقد سبق للأستاذ عبد الرحمن الهاني الترشح صحبة المناضل التقدمي عز الدين الحزقي للانتخابات الرئاسية الأولى سنة 1989، ليكونا أول من خرق الإجماع حول الرئيس السابق زين العابدين بن علي دفاعا عن قيم الجمهورية والديمقراطية الحقيقة التي يطمح إليها التونسيون. وقد تعرض الأستاذ عبد الرحمن الهاني بسبب نشاطه المعارض منذ حكم الرئيس بورقيبة إلى العسف والظلم والسجن ومصادرة أهم أملاكه المتمثلة أساسا في مسكنه بقرطاج الرئاسة، ومشاغبته والسطو على ميراثه العائلي في مسقط رأسه بسليانة.

يتمسك الأستاذ عبد الرحمن الهاني بأن تكون تونس لكل أبنائها و بالمنهج الداعي إلى المصالحة بين كل التونسيين ونبذ الفرقة بينهم وحقهم جميعا في الحرية والكرامة. وبدعوتهم للتعاون وتكتيل الجهود من أجل خدمة وطنهم وقضايا أمتهم بكل تفان وإخلاص.