الصحافة ـ زياد الهاني
كانت الطريق الرابطة بين قبلي ورجيم معتوق تمتد بشكل لامتناه في الافق، مسارها المتعرج بين جزء من الطرف الجنوبي من شط الجريد أحيانا وأرض صحراوية قاحلة أحيانا أخرى لم يكن يوحي بغير معنى العدم. الامر كله تغير عندما بلغنا الواحة. مرافقي السيد علي بلحاج إبراهيم مدير الاشغال بديوان إحياء رجيم معتوق أشار بيده حيث الواحة: هنا حصلت المعجزة، هنا تحولت الصحراء الى جنات يشمخ نخلها ويعتلّ نسيم ظلالها.
هنا أشجار الزياتين والغلال أورقت. هنا نمت خيرات الارض المرتوية على جنبات السواقي منشدة لحن الحياة.
لحن يعزفه خرير المياه المتدفقة من باطن الارض عبر آبار وقنوات امتدت جسرا للخير والاخضرار يشق طريقه بإباء وسط صفار رمل الصحراء.
هنا.. في الواحات الممتدة بين رجيم معتوق والمطروحة يسجد النحل على صدر الازهار المتفتحة وهو يمتص رضاب رحيقها.
ثم يتراقص في تحليقه وهو يعود مظفرا الى بيوته المستظلة بدوحات الاشجار. ومثله يعود فلاحو الواحات الى دورهم بعد إتمام اعمالهم الفلاحية، الشاقة بخطوات منهكة بحكم المجهود البدني المبذول، لكنه انهاك الى أجل.. حيث تأتي صابة التمور لتمسح العناء وتبعث في النفوس أملا . عندما يكون الجهد مكافأ، يستقيم معنى الحياة وتزهر أغصانها.